للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعلم: أن القرينة لأي ذات سؤال، وهي محققة في الآية، وهذا هو المراد بقولهم: لسؤال محقق، لا كونها سؤالا، وهو المفروض المقدر فيها ن هذا كلامه.

وكيف لا؟ والشارح لم يعلق تحققه على تقدير ثبوت ما فرض؟ بل وقوع الكلام في جوابه: فإن أراد بأن ذات السؤال قرينة أنها قرينة من غير كون الكلام جوابا له، فباطل.

وقول المصنف: كوقوع الكلام جوابا لسؤال شاهد عليه، وإن أراد أن ذات السؤال بشرط وقوع الكلام جوابا له قرينة، فلا بد من اعتبار الوقوع، وما ذكره الشارح إنما هو تصدير الوقوع، وبهذا اندفع- أيضا- أن الشرط فرض السؤال المطلق، وهو يعم السؤال المحقق والمقدر، فكيف يلزم من تقدير وثبوته كون قولهم جوابا لسؤال محقق هذا؟ والأظهر أن المراد بقوله: (ليقولن الله) ما يعم قولهم:

ليقولن خلقهن الله؛ لأن المقصود أنهم يجيبون بإثبات الخلق له تعالى سواء كان ذلك الإثبات مع ذكر الفعل أو مع حذفه، فالآية مثال باعتبار ما يشتمل عليه من جواب حذف فعله، لا باعتبار أن الجواب المستفاد منه لا محالة محذوف المسند، ثم المسند المحذوف في جواب هذا السؤال في الأكثر الفعل، وربما تكون الجملة التي هي خبر المبتدأ على طبق مواقع الذكر، فإنه في الأكثر الفعل قال تعالى: مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها (١) وقال تعالى:

مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (٢) وقال تعالى:

قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ (٣) قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ وذلك؛ لأن السؤال عن الفاعل المطلق، فالسائل خالي الذهن عما يلقي إليه المجيب، فلا يحتاج إلى تقوية الحكم فلا ينبغي تقديم المسند إليه المفيد للتقوي، وربما يقتضي المقام قصد التخصيص في الجواب، كما في قوله: قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ (٤) فتقدم المسند إليه، فمن قال: المقدر مطلقا هو الفعل، وجعله الشارح مذهب جمهور النحاة غفل، لكن لا كمن قال: المحذوف مطلقا هو الخبر؛ لأن رعاية المطابقة أمر


(١) يس: ٧٨، ٧٩.
(٢) الزخرف: ٩.
(٣) الأنعام: ٦٣.
(٤) الأنعام: ٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>