للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للضعفاء [ومختبط ممّا تطيح الطّوائح] (١) المختبط: الذي يأتيك الليل للمعروف من غير وسيلة إخفاء عن الناس سؤاله؛ لأنه كان أصل ثروة، وابتلى بالسؤال لأجل إهلاك المهلكات ماله، فقوله: مما يتعلق بمختبط، كما تعلق قوله: لخصومة بضارع، ويكفي للظرف رائحة الفعل، ولا يتوقف صحته على اعتماد اسم الفاعل، والطوائح: بمعنى المطيحات؛ لأنه جمع مطيحة على خلاف القياس، كلواقح جمع ملقحة، ولهذا جعل فاعلا للإطاحة، فتطيح بمعنى الماضي عدل إلى المضارع لحكاية الحال، كذا ذكره الشارح المحقق، وهو المشهور، ونحن نقول: المراد بالضارع: من يضرع بعد موت يزيد، وبالمختبط: من يسأل كذلك بعد موته؛ لأنه كان دافعا للخصومات والمهلكات، فلا يكاد تقع في حياته خصومة، ولا إطاحة مطيحة لمال شمول، حتى يضرع أحد لخصومة، ويحتاج أحد إلى الاختباط، فالضارع بمعنى الاستقبال، ولا يخفى ما في هذا الاحتمال من كمال مدح يزيد، كحماية الناس من الظلمة.

والمشهور جعل ضارع فاعلا للمحذوف، كما في المثال السابق، وقد نص عليه ابن الحاجب، ونحن نقول: الأبلغ تقدير ضارع لخصومة يبكيه، فيكون الكلام مفيدا للحصر تعريضا بأن الظلمة التي تضرع الناس؛ لخصومتهم في السرور عن موته، وفيه مزيد تحسر موته، ولفظ البيت أمر، ومعناه: يزيد لفوت التحسر على فوت هذه المنافع لعامة الناس، وهذا من موجبات فضل هذا التركيب على خلافه، فاجمعه مع ما ستسمع. فهذا المثال للسؤال المقدر كما صرح به، وللمسند الخبر على خلاف ما تقدم، والله تعالى أعلم.

ومن المباحث النفيسة التي خلا عنه زبر الأخيار، وشذ عن أنظار أولى الأبصار، وصدته لك أيها المتفطن المتلخص عن ربقة التقليد، المتلذذ بإصغاء جديد بعد جديد هو: أن السؤال الناشئ من ذكر «ليبك» من المأمور بالبكاء فالمقام يستحق حسب المسند إليه، أي: المأمور ضارع، وكان تقدير من يبكيه؛


(١) البيت ينسب للحارث بن ضرار النهشلي، والحارث بن نهيك، ولبيد بن ربيعة، والمزرد بن ضرار.
انظر البيت في الإيضاح (٩٢)، المصباح (٤٦)، الخصائص (٢/ ٤٢٤)، خزانة الأدب (١/ ٣٠٣)، شرح شواهد الإيضاح (٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>