ضابطه الإفراد؛ لأن كون المسند سببيّا، يقتضي كونه جملة؛ لأنه يتبادر من الاسم ربطه إلى ما قبله، بخلاف الجملة والفعل، فيوهم:(زيد منطلق أبوه)، ربطه الانطلاق إلى زيد قبل سماع ما بعده بخلاف: زيد أبوه منطلق، أو انطلق أبوه، فالكون سببيّا يقتضي الجملة، ولا بد معه من نكتة للإفراد، وعلى هذا ليس نحو: زيد مررت به، وزيد كسرت سرج فرس غلامه فعليّا ولا سببيّا، وإن جعله الشارح المحقق سببيّا؛ لأن تعريف المفتاح للسببي صريح في أنه ليس سببيّا، ويخرج بقول المفتاح؛ لكونه فعليّا، ويدخل في قول المصنف؛ لكونه غير سببي، فالعدول مفسد.
فإن قلت: ما حققته، وإن كان كلاما محصلا منقحا لكن يخالف ما ذكره المفتاح؛ لأنه قال: ويكون المسند جملة إذا كان سببيّا، وهو أن يكون مفهومه مع الحكم عليه بالثبوت لما هو مبني عليه، أو بالانتفاء عنه مطلوب التعليق بغير ما هو مبني عليه تعليق إثبات له بنوع ما، كقولك: زيد أبوه انطلق، أو منطلق، أو يكون المسند فعلا يستدعي الإسناد إلى ما بعده بالإثبات، أو بالنفي، فيطلق تعليقه على ما قبله بنوع إثبات أو نفي عنه بنوع ما، أو نفي لكون ما بعده تسبب مما قبله، نحو: عمرو ضرب أخوه، لا سببيّا متصلا بالفعل، نحو: زيد ضارب أخوه، أو مضروب، أو كريم، لسرّ نطلعك عليه. هذا كلامه. وقد صرح بكون زيد منطلق أبوه غير داخل في المسند السببي، قلت: قدمنا لك أن كلامه في بيان السببي غير منقح، وهو كما ترى في غاية التعقيد، وقد صرح في قسم النحو أن: زيد الكريم أبوه، نعت سببي، ومن الواضح أن الفرق بين النعت والخبر في ذلك بعيد عن الاعتبار، وإذا انحصر السببي في الجملة فلا تصير السببية نكتة لاختيار الجملة؛ لأنه ما لم يترجح زيد أبوه منطلق على زيد منطلق أبوه، لا يتأتى للبليغ إيراده بمجرد كونه سببيّا، وإلا لكان مآل التعليل أن إيراده جملة، لكونه جملة مخصوصة، فينبغي أن يكون السببي أعم من الجملة، وتكون السببية مقتضية للجملة، فلا بد من تأويل كلامه، فنحن نأوله بأنه عرف الجملة السببية، لا مطلق السببي، ولذا قال: لا سببيّا متصلا بالفعل ... إلخ.
والسر الذي نطلعك عليه: أن اسم الفاعل لكونه بمنزلة خارج الضمير، لا