للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحدث، ولا يلزم من تجدد الكل تجدد كل جزء حتى يلزم ذلك؛ لأنه في علم الله مجموع المعنى متجدد لدخول الزمان في مفهومه، وليس العلم متجددا، ويمكن دفعه بأن مراده: أن تجدد جزء مفهوم اللفظ بحسب عرف الوضع يقتضي تجدد كل جزء، فيكون ما ذكره مجمل ما ذكرناه مفصلا على طبق ما فصله السيد السند.

ومما ينبغي أن ينبه عليه: أن هذه النكتة إنما ترجح الفعل على الاسم فيما إذا لم يكن للفعل اسم يرادفه، وأما ما بعده وأمهل وأمثالهما فلا ترجح بهذه النكتة على الاسم؛ لأنه يغني هيهات ورويد وأمثالهما غناءهما، إلا أن يقال هذه الأسماء النحوية معدودة في هذا الفن في عداد الأفعال، يرشدك ما سيأتي من جعل رويد زيدا من أمثلة الأمر، ومن الدواعي إلى جعل المسند فعلا إنشاء المدح، أو الذم، أو التعجب، أو الدنو؛ لأن الموضوع لها أفعال (كقوله) أي: قول ظريف بن تميم العنبري (أو كلما) أي: كلما جئت عكاظ، وكلما (وردت عكاظ) متشوق للعرب كانوا يجتمعون فيه فيتناشدون ويتفاخرون، وكان يقع فيه الوقائع (قبيلة بعثوا إلى عريفهم يتوسم) (١)، أي: يتفرس الوجوه ويتأملها لحدث منه ذلك التوسم شيئا فشيئا، ويصدر منه النظر لحظة فلحظة يعني: أن لكل قبلة على جناية فمتى وردوا عكاظ طلبني الكافل بأمرهم، ولا يخفى أن هذا المثال يستدعي: أن يراد بالتجدد التقصي شيئا فشيئا، على طبق الزمان لا مجرد الحدوث، لكن الغالب في الفعل قصد الأول، فهو النكتة الشائعة، ولذا حملنا عبارته عليه؛ لأنه الأنسب بالتعرض والبيان، وأيضا قوله: وأما كونه أسماء، فلإفادة عدمهما يقتضي إرادة التجدد بهذا المعنى إرادة عدم التجدد بمعنى التقصي شيئا فشيئا، لا يقتضي إيراد الاسم، فالمثال لا يطابق الممثل، وهذا الخبط إنما وقع من المصنف، والمفتاح لم يمثل بما هو صريح في قصد التجدد بهذا المعنى، ومما يقتضي كونه فعلا: أن المقام مقام طلب الفعل، نحو: ضرب، أو الترك، نحو:

لا تضرب، أو أنه لا بد من إدخال حرف الشرط على المسند، أو التخصيص،


(١) البيت لطريف بن تميم العنبري في الإشارات والتنبيهات ص ٦٥ والإيضاح ص ٩٥ ودلائل الإعجاز ص ١٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>