للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (مع إفادة التجدد) (١) ليتعلق بإفادة التجدد، والتقييد على سبيل التنازع؛ إذ يمكن كل منهما بالاسم بضميمة القرينة، فترجيح الفعل بكل منهما على الاسم لا يتأتى، إلا لقصد الاختصار، فإن قلت: لا يرجح ذلك الفعل المضارع على الاسم؛ لأن تقييده بأحد الأزمنة يتوقف على القرينة لاشتراكه.

قلت: يحصل التقييد بدون القرينة بأحد الأزمنة بمقتضى الوضع لا محالة، وإنما يحتاج إلى القرينة لتعيين المراد، فإن قلت: فما الفائدة في الإيراد فعلا؟ ولا مندوحة عن القرينة إلا أن القرينة هنا لتعيين المراد، وفي الاسم للتقييد. قلت:

فائدته التدرج في التعيين، وذلك موجب لمزيد التقرر، بقي أنه لا يظهر منافاة التقييد بالقرينة العقلية. التقيد على أخصر وجه، إذ القرينة العقلية لم تعد من وموجبات الإطناب، وكيف لا وإيجاز الحذف لا يعقل بدون القرينة؟

فالصواب: فللتقييد بنفس المسند بأحد الأزمنة الثلاثة، وإنما يفيد الفعل التجدد؛ لأنه اعتبر في جعل الزمان جزء مفهومه: أن يكون الحدث حادثا بحدوثه، لأن الزمان المقارن بالحدث يوزن بذلك، فلم يهملوا في جعل الزمان جزءا لمفهوم الفعل هذا الإيذان، لا لأن مقارنة الزمان يستدعي الحدوث؛ إذ الصفات القديمة كلها مقارنة للزمان، ولهذا صح وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (٢) فاستعمال الفعل في الأمور الثابتة، كعلم الله، ويعلم، مجاز، ووضع الفعل لمقارنة الحدث الزمان على وجه الحدوث كحدوثه، فالمراد بالتجدد: الحدوث، وأما التجدد بمعنى حدوثه شيئا فشيئا، كالزمان، وكثيرا ما يقصد بصيغة المضارع، فهو ليس معتبرا في مفهوم الفعل، وإنما يفهم من خصوص الحدث أو اقتضاء المقام. قال الشارح المحقق: أفاده الفعل التجدد؛ لأن التجدد من لوازم الزمان الذي هو جزء مفهوم الفعل، وتجدد الجزء يستلزم تجدد الكل، وأورد عليه السيد السند: أن التجدد الذي قصد بإيراد الفعل ليس تجدد الكل، بل تجدد


- حصل منه القيام في الزمن الماضي» ولكن هذا الاختصار لا يكاد يمتاز به بليغ غن غيره، والذي يدخل منه في معنى البلاغة دلالته على الاستمرار التجددي كما سيأتي.
(١) المراد بالتجدد: حصول الشيء بعد عدمه، والفعل يدل عليه بأصل وضعه أيضا، وإنما تعرض لإفادته ذلك؛ لأن من الأسماء ما يشارك الفعل في الدلالة على أحد الأزمنة، كاسم الفاعل، فإنه حقيقة في الحال مجاز في الاستقبال.
(٢) سورة النساء: ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>