وعدم الجزم بالنقيض مشترك بينهما، وفيه بحث؛ لأن عدم الجزم بالنقيض في «إن» بمعنى الشك فيه وعدم الجزم بالنقيض في إذا بمعنى الإنكار، فلا اشتراك، بل الفرق باعتباره أيضا قائم، وما سوى إذا من أسماء الشرط لم يفارق إن، فلذا خص الفرق بإن وإذا، لم يتعرض لما سواهما. قال الرضى في بحث المجازاة، وجب إبهام كلمات الشرط، لأنها كلها تجزم لتضمنها معنى إن التي هي للإبهام، فلا يستعمل في الأمر المتيقن المقطوع به، لأنه لا يقال: إن غربت الشمس أو طلعت، فجعل العموم في أسماء الشرط كاحتمال الوجود والعدم في الشرط الواقع بعد «إن» لأنه نوع عموم أيضا، والشرط بعد هذه الأسماء كالشرط بعد «إن» في احتمال الوجود والعدم هذا.
(ولذلك) المذكور من الأمرين، وهو كون الأصل في «إن» عدم الجزم بوقوع الشرط، والأصل في «إذا» الجزم (كان) أي صار الحكم (النادر موقعا) أما تميزه، فيكون بمعنى النادر الوقوع، وحينئذ قوله (لأن) متعلق بكان، وأما خبر لكان، أي: كان الحكم النادر محل وقوع أن، والمراد بكونه؛ لأن حقيقة وتجوزا، فإنه لندرته، إما مشكوك؛ فيكون موقع إن حقيقة، وإما مجزوم به، فهو لكونه ملحقا بالمشكوك موقع؛ لأن لا يقال: كيف يكون النادر موقعا؛ لإن حقيقة؟
والندرة ترجح جانب العدم، لأنا نقول: المراد بالنادر أعم من النادر المطلق، والنادر بالنسبة كما يدل عليه ما سيأتي.
(وغلب) إما من التغليب أو الغلبة (لفظ الماضي) أي: اللفظ الدال بالوضع على الزمان الماضي، سواء كان الفعل الماضي أو المضارع، مع لم، ولذا قال: لفظ الماضي، ولم يقل الماضي؛ لئلا يتبادر منه الفعل الماضي، فإن قلت:
عرف الفعل الماضي بما فسرت به لفظ الماضي، فلا يترجح على الماضي، قلت:
أردت بالوضع أعم من الوضع التركيبي، فكان شاملا للم يضرب؟ والمعتبر في التعريف الوضع الإفرادي، فخرج عنه: لم يضرب (مع إذا) لأنه أنسب بالجزم بالوقوع؛ لأن الواقع فيما مضى أحق به، ويستفاد مما ذكر، أن اللفظ (١) المستقبل غلب مع «إن»، وإن الكثير صار موقعا لإذا (نحو: فَإِذا جاءَتْهُمُ
(١) إنما كان هذا بالنظر إلى اللفظ، لأن الماضي معها ينقل إلى الاستقبال.