للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجميع مذكور في المفتاح؛ لأنه لم يجد هذا الوجه في كلام غيره بخلاف الوجوه الأخر، وقال الشارح المحقق: أشار به إلى ما فيه من الضعف والخفاء، ويبعده أنه لم يبين في الإيضاح لا ضعفا ولا خفاء، ولو علم فيه ضعفا وخفاء لما أهمله، وكان الضعف الذي أشار إليه أن التعريض لإسناده إلى من يمتنع منه الفعل، ولا دخل للمضي فيه، ويدفعه أن ذلك الإسناد لا يفيد وقوع الشرك من غير المسند إليه لو لم تكن صيغة الماضي، بل أنه سيقع على أن الإمكان الذاتي يكفي للإسناد بحسب الفرض أو الماضي؛ لأن اللام الموطئة لا تكون في الاستعمال إلا مع الماضي فهو لاتباع الاستعمال الواجب، ويدفعه أنه لا تنافي بين المقتضيات حتى يمتنع الاجتماع.

(نحو: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) (١) والخطاب لمن أوحى إليه كما يدل عليه قوله: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ (٢) الآية، فقول الشارح المحقق الخطاب لمحمد- عليه الصلاة والسّلام- وعدم إشراكه مقطوع به، لكن جيء بلفظ الماضي إبرازا للإشراك في معرض الحاصل على سبيل الفرض، وتقدير تعريضا لمن صدر عنهم الإشراك منظور فيه، والأولى والخطاب لمن أوحى إليه (ونظيره في التعريض) مع ما بينهما من التفاوت لفظا فإن أحدهما شرط دون الآخر، وأحدهما إبراز في معرض الحاصل دون الآخر، ومعنى من حيث إن قوله لَئِنْ أَشْرَكْتَ ليس محض تعريض، بل للمخاطب منه نصيب؛ لأن هذا الحكم في حقه متحقق بخلاف وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فإنه محض التعريض وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي أي: وما لكم لا تعبدون الذي فطركم كما بدليل:

وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٣) لم يلتفت في الاستدلال إلى أن المتكلم ليس تارك العبادة، لأن ذلك لا يوجب التعريض، بل يحتمل أن يكون تنزيلا لعبادته منزلة العدم،


- ولو عبّر بالمضارع بدل الماضي، قلا يصح نكتة للتعبير بالماضي دونه كالأسباب السابقة، وأجيب عن السكاكي بأن ذكر المضارع في ذلك لا يفيد التعريض لكونه على أصله، والحق أنه يفيده لأن مبنى التعريض فيه على نسبة الفعل إلى من لا يصح وقوعه منه، وهى حاصلة في المضارع كالماضي.
(١) الزمر: ٦٥.
(٢) الزمر: ٦٥.
(٣) يس: ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>