التقدير الشامل للمحقق والمقدر كما صرح به في بعض تصانيفه، فلا يفيد انتفاء المقدر، وفيما ذكره المصنف ما أورده الشيخ ابن الحاجب: أن القطع بانتفاء الشرط لا يستلزم القطع بانتفاء الجزاء؛ لأن الشرط سبب، وانتفاء السبب لا يستلزم انتفاء المسبب، وقال الرضى: الأولى أن الشرط ملزوم، وانتفاء الملزوم لا يستلزم انتفاء اللازم، وبالجملة قال كثير من الفحول إن الحق أنه لانتفاء الأول لانتفاء الثاني؛ لأنه يستدل بامتناع الجزاء على امتناع الشرط دون العكس، وقال الشارح المحقق: ليس معنى قولهم: لو لامتناع الثاني لامتناع الأول استدلال بامتناع الأول على امتناع الثاني حتى يرد ما أورد؛ بل معناه: أن لو لانتفاء الجزاء في الواقع بسبب انتفاء الشرط، فمعناها سببية انتفاء مضمون الشرط في الخارج لانتفاء الجزاء، فاعتراض الشيخ ابن الحاجب وأشياعه إنما هو على ما فهموه من كلام القوم، وقد غلطوا فيه غلطا صريحا، وكم من غائب قولا صحيحا، هذا كلامه، وفيه أنه حينئذ يكون (لو) حرف تعليل ونفي، لا تعليق، وإنما يكون حرف الشرط لو كان للتعليق، وتكون السببية لازمها المقصود، فلا نفي ما ذكره في دفع اشتباه الشيخ ابن الحاجب.
فقال السيد السند في شرح المفتاح: إن سببية انتفاء الشرط لانتفاء الجزاء لازم معناها، فإنها موضوعة لتعليق حصول أمر في الماضي بحصول أمر آخر مقدر فيه، وما كان حصوله مقدرا في الماضي كان منتفيا فيه قطعا، فيلزم لأجل انتفاء انتفاء ما علق به أيضا، ويتجه عليه مع ما عرفت منع لزوم انتفاء المعلق لأجل انتفاء ما علق به، يعني: ما ذكره الشيخ ابن الحاجب، فالوجه أنها موضوعة لتعليق أمر مقطوع بانتفائه بحصول أمر في الماضي، فيعلم منه انتفاء الشرط وسببيته لانتفاء الجزاء؛ لأنه علم من التعليق سببية الشرط، ومن انتفائه انتفاء الشرط، لأن انتفاء المسبب يستلزم انتفاء كل سبب وسببية انتفاء الشرط لانتفائه؛ لأن انتفاء المسبب يكون مسببا عن انتفاء السبب، وأن ليس لازما، فتأمل، فالصواب:
أن لو لتعليق أمر بغيره في الماضي مع القطع بانتفاء الجزاء، فيلزم انتفاء الشرط، لا ما ذكره المصنف.
فإن قلت: لا يصح ما ذكرته في قوله تعالى: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ