للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَفَسَدَتا (١).

وفي قوله صلّى الله عليه وسلّم في جواب من سأله عن حياة الخضر عليه السّلام: «لو كان حيّا لزارني» (٢).

قلت: الاستعمال الكثير في (لو) كونه لانتفاء الثاني لانتفاء الأول، وقد يجيء لمجرد التعليق والربط مع انتفاء الجزاء من غير دلالة، على أن انتفاء الثاني لانتفاء الأول في الواقع، فيستعملونها في مقام الاستدلال بانتفاء الجزاء على انتفاء الشرط، فهي حينئذ لانتفاء الأول لانتفاء الثاني، وهذا الذي صار عرف أرباب المعقول، حتى قال الشارح المحقق: هذا الاستعمال قاعدة أرباب المعقول، والآية الكريمة واردة على قاعدتهم، يعني: على استعمال عربي صار قاعدة لأرباب المعقول، لا أن القرآن نزل على قاعدتهم حتى يرد ما اعترض به السيد السند، أن فيه بعدا جدّا، لأن القرآن لم ينزل على أوضاع أرباب المعقول.

ونحن نقول: كيف يتصور هذا ولم يكن المعقولات حين نزول القرآن مدونة بالعربي؟ فلو لم يكن عرف لهم بلفظ عربي، لكن فيما ذكره الشارح المحقق من أن (لو) عند أرباب المعقول لمجرد الدلالة على اللزوم، ولهذا صح عندهم استثناء عين المقدم، نحو: لو كانت الشمس طالعة، فالنهار موجود، لكن الشمس طالعة نظر؛ لأنه ينافي ما قالوا: إن في (لو) إغناء عن استثناء نقيض التالي، وفي (لما) عن وضع المقدم، والوجه ما ذكرنا.

وقد تستعمل (لو) بمعنى (إن) وجعله المبرد قياسا، فتستعمل (كان) في التلازم بين شيء وشيء، مع أن اللازم أولى بكونه لازما لنقيض ذلك الشرط، فيلزم الاستمرار، وفي هذا الاستعمال ليس الجزاء فعلية استقبالية في (أن) و (لا) منتفيا ماضويا في (لو)، وجعل منه قوله عليه السّلام كما ذكره الشارح، وقول عمر رضي الله عنه على ما في الرضي، وصوبه السيد السند في شرح المفتاح (نعم العبد صهيب، لو لم يخف الله لم يعصه) (٣).


(١) الأنبياء: ٢٢.
(٢) قال الحافظ ابن حجر: لا يثبت. انظر المصنوعة للقاري (١٠٥).
(٣) أورده العجلوني في كشف الخفاء (٢/ ٤٢٨) وقال: «ذكر البهاء السبكي: أنه لم يظفر به بعد ... -

<<  <  ج: ص:  >  >>