ونحن نقول: يجوز جعل هذا الكلام على الاستعمال المشهور، أي: لم يصدر عنه عصيان له إلا الخوف، فيكون من قبيل تأكيد المدح بما يشبه الذم، أو لا عصيان له إلا الخوف المفرط، فيكون فيه رده إلى ما بين الخوف والرجاء، فإنه أفضل، فعبر عن ترك الأولى منه بالعصيان مبالغة في برائته عن العصيان.
ثم نقول: تعليق الشيء يكون تعلقه بغيره أولى لا يستدعي قصد الاستمرار كما قالوا؛ بل يكفي فيه قصد شمول أزمنة الجزاء أزمنة الشرطين، فنقول: لو ضربني أمير لضربته، فيقصد وجود ضربك على تقدير ضرب الفقير بطريق الأولى، ولا يلزم منه استمرار ضربك، ولا يلزم أنه لو ضربك السلطان لضربته، ولا يبعد أن يقصد في ذلك الاستعمال: المبالغة في لزوم الجزاء لنقيض الشرط من غير قصد استمراره، فيقصد في المثال المذكور: أن عدم العصيان لازم لخوف صهيب بادعاء لزومه لعدم خوفه من غير قصد لزومه له، أو يقصد نفي سببية النقيض للجزاء، كما تقول لمن يظن بك أنك أثنيت عليه لإكرامك إياه: إن أهنتني أثنيت عليك، يعني: ثنائي لمحض محبتك ومعرفة حق كمالك، لا لما ظننته من إكرامك فإن الإكرام كالإهانة في السببية.
قال الشارح المحقق: وتستعمل (لولا) استعمال (لو) في: لو لم يخف الله لم يعصه، فيقال: لولا إكرامك لأثنيت عليك، فيقصد استمرار الإثناء، وذلك لأن (لولا) في معنى (لو) الداخلة على النفي.
ولا يخفى أنه لو تبع الكسائي لما استغرب مذهبه الرضى، وهو أن تقدير لولا زيد: لولا وجد زيد؛ لالتزام دخول (لولا) على الفعل إذ (لولا) هي (لو) دخلت على لا، فينبغي أن يقول: لأن (لولا) هي (لو) الداخلة على النفي، ولو اختار مذهب البصريين من أنها كلمة برأسها، فهي لا تدل على التلازم، بل على أن وجود (ما) بعد (لولا) مانع عن تحقق جوابه، فلا يتصور إفادته أن جوابه مع ثبوت ما بعده متحقق بطريق الأولى، ومن هذا تحققت أن نزاع
- البحث، وكذا كثير من أهل اللغة، لكن نقل في المقاصد عن الحافظ ابن حجر أنه ظفر به في مشكل الحديث لابن قتيبة من غير إسناد، وقال في اللآلئ: منهم من يجعله من كلام عمر، وقد كثر السؤال عنه ولم أقف له على أصل».