الكسائي مع البصريين ليس في مجرد تعيين المقدر بعد (لولا)، بل في المراد بتركيب فيه (لولا) الامتناعية أيضا.
ومنهم من تصدى لجعل أمثال: لو لم يخف الله لم يعصه جاريا على حقيقة (لو)، فجعل الجزاء مقيدا، أي: عدم العصيان المترتب على عدم الخوف، ولا يلزم من انتفائه انتفاء عدم العصيان، فليكن عدم العصيان المترتب على الخوف، وردّه الشارح المحقق بأن: الارتباط بالشرط غير معتبر في مفهوم الجزاء، وإلا لكان التقييد بالشرط تكرار، أو بأن الوجدان الصحيح حاكم بعدم اعتبار التقييد بالشرط في قولك: لو جئتني لأكرمتك، وبأن المنفي نفس الإكرام، لا الإكرام المرتبط.
ونحن نساعده بأنه: لو كان التقييد بالشرط معتبرا في الجزاء لكان رفع المقدم مستلزما لرفع التالي، وقد أجمع العقلاء بأن رفع المقدم لا ينتج، ولكان وضع التالي مستلزما لوضع المقدم، مع أن خلافه مجمع عليه، وتزيف الكل بأن المدعي أن الجزاء مقيد في أمثال هذا التركيب بمقتضى وضع (لو)، وحكم الوجدان في ما لا داعي إليه، والتجنب عن التكرار الغير الضروري لا يوجب عدم اعتبار التقييد فيما نحن فيه، ولا يلزم من اعتبار القيد في عدة شرطيات إنتاج الرفع والوضع المذكورين، لأنه إنما تحقق اللزوم من خصوص المادة.
نعم، يرد التقييد أن المقصود من قوله: نعم العبد صهيب، لو لم يخف الله لم يعصه، نفي العصيان مطلقا، ومع التقييد لا يحصل هذا المقصود، وكذا المقصود في قولك: لو أهنتني لأكرمتك، ثبوت الإكرام مطلقا، ولا يحصل بالتقييد.
وقال الشيخ ابن الحاجب: تكلف تقييد الجزاء بالشرط في الجزاء المنفي مما لا يسمع، فإن النفي يفيد العموم والتقييد ينافيه.
ورده الشارح بأن: المنفي لو كان مقيدا بالارتباط بالشرط لم يكن عامّا، وإلا فالإثبات أيضا يصير عامّا بورود نفي (لو) عليه فلا يقبل التقييد، وكان الشيخ استبعد التقييد في النفي؛ لأنه ينافي عموم النفي أيضا، ففيه مزيد تكلف ليس في تقييد المثبت، وحينئذ لا يتجه ما ذكره الشارح.