للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجب إلا معلومية المسند إليه، مع أنه يأبى إطلاق الكتاب.

وهاهنا بحث، وهو أن الضابط لا يتناول: زيد أخوك، فإنه ليس هناك صفتان، وكأنه أراد بالصفتين ما يعم الاسم؛ لأنه كالصفة في التعيين، وأن الضابط قاصر؛ لأنه لم يفصل ما إذا عرف كلا من الصفتين للذات، ولم يعرف أن الذات متحددة فيهما؛ كما إذا عرف المخاطب أن له أخا، وعرف زيدا بعينه، ولم يعرف أن زيدا وأخاه متحدان، فتريد أن تفيد أن ذلك الاتحاد، فأنت حينئذ بالخيار، فاجعل أيهما شئت مسندا إليه.

ومن هذا القبيل قوله تعالى وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١) فإنه قد عرف المخاطب موصوفين بصفات الكمال آنفا، وسمع أن جماعة هم المفلحون، فأفاد أنهما المتحدان، نعم، هنا يجب جعل (أولئك) مسندا إليه؛ ليفيد تعليق الحكم بالصفات، لا لأن الحكم بالاتحاد يقتضي ذلك، ولهذا مثله صاحب الكشاف يريد النائب لمن سمع أنه ناب أحد، فكان كالمستخير أنه من هو؟ يريد أنه يعرف زيدا بعينه وعمرو، أو لا يعرف أنه متحد مع أيهما، فتقول: زيد النائب، ولك أن تقول: النائب زيد، وليس تمثيله لمن عرف نائبا، وطالب لتعيينه، لا لاتحاد المعلومين حتى يقال: إن الواجب حينئذ النائب زيد، كما اعترض به الشارح المحقق عليه.

وقد أطنب السيد السند في الرد عليه، وأطال في الإثبات أن الواجب: زيد النائب، وقد عرفت أنه لا يجب شيء منهما.

ولك الخيار على أن لنا أن نرد على الشارح باختيار أن الواجب النائب زيد، ومراد الكشاف بقوله: زيد التائب النائب زيد، إلا أنه قدم الخبر تنبيها على أن تقديم المبتدأ فيما إذا كان المبتدأ والخبر معرفتين لا يجب عند وجود القرينة على تعيين المبتدأ، وإن أطلق النحاة وجوب التقديم.

قال صاحب المفتاح بعد هذا الضابط: وإذا تأملت ما تلوناه عليك أعثرك على معنى قول النحويين: لا يجوز تقديم الخبر على المبتدأ إذا كانا معرفتين معا، بل أيهما قدمت فهو المبتدأ، واعترض عليه السيد السند بأن بحث النحويين ليس


(١) البقرة: ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>