للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي يحتمل الصدق والكذب، وكأنهم أرادوا: أن النحاة نقلوا اسم الخبر مما يحتمل الصدق والكذب إلى ما هو مدار احتمالهما من طرفي الجملة، أي: المسند، فالخبر ليس اسما، إلا لمسند له مزيد مدخلية في ذلك الاحتمال، فهذا تمسك برعاية مناسبة الاسم، ومثله غير عزيز في العلوم العربية النقلية حتى الفقه، ولا يخفى على من له درية في النقليات.

وأما كونه غلطا من اشتراك لفظ الخبر بين المركب التام ومسند الجملة الاسمية، فبعيد جدّا، وإن ركن إليه الشارح المحقق والسيد السند حتى قال: لا خفاء فيما ذكره الشارح من أنه غلط من الاشتراك.

وتارة بأن: الخبر يجب أن يكون ثابتا للمبتدأ، والإنشاء ليس بثابت في نفسه، فلا يكون ثابتا لغيره، ورده الشارح بأن الخبر يجب أن يكون مسندا إلى غيره، والإسناد لا يقتضي الثبوت كما في: أزيد عندك؟

ولك أن ترده أيضا بأن الخبر قد يكون مسلوبا عن غيره، وما ليس بثابت لا يأتي سلبه عن غيره، وبأن الثابت لغيره لا يقتضي الثبوت في نفسه.

ألا ترى أن الأعمى ثابت لغيره، وليس ثابتا في نفسه؟

وأوّل السيد السند استدلالهم بأن المراد: أن الخبر يجب ملاحظة ثبوته لغيره سواء اعتقد أو شك فيه أو رفع، وما ليس بثابت في نفسه لا يمكن ملاحظة ثبوته لغيره، وزعم أنه تام، وفرع عليه: أنه يجب تأويل إنشاء وقع خبرا بالخبر.

ويرده أنا لا نسلم أن ما ليس بثابت لا يمكن ملاحظة ثبوته لغيره، بل كما يلاحظ الثبوت للتردد فيه، وللرفع يلاحظ للطلب، فيلاحظ ثبوت الضرب للمخاطب في: أضرب، ويطلب، فيلاحظ كذلك في: زيد أضربه، ومما يجتلي به صدق إمكان ملاحظة ثبوت الخبر للطلب قولنا: كن قائما، فإنك لاحظت ثبوت القائم للمخاطب للطلب، ولا ريبة في صحة أزيد عندك؟ فكذا في صحة:

زيد، هل أبوه قائم؟ فإنك تلاحظ بنسبة أبوه قائم إلى زيد وتشك فيه وتستفهم عنه.

وأما ما ذكره في توضيح عدم صحة جعل الإنشاء خبرا من الإنشاء والطلب قائم

<<  <  ج: ص:  >  >>