للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالمنشيء، فلا يكون حالا للمبتدأ إلا باعتبار تعلقه به أو استحقاقه له، فلا بد من ملاحظة هذه الحيثية معه، وملاحظة هذه الحيثية بجعله خبرا.

ففيه أولا: أنه يصح أن يكون المبتدأ نفس الطالب، كما في قولنا: أنا لأقتلن نفسي.

وثانيا: أن المربوط بالمبتدأ ليس الطلب، بل المطلوب؛ ليتعلق الطلب به بعد ربطه، وإن اقتضاء ملاحظة الحيثية صيرورته خبرا أول المسألة، فالحق: أن خبر المبتدأ يصح أن يكون إنشاء، وكذا إخبار النواسخ إلا الأفعال الناقصة وأفعال القلوب، (فللتقوّى)، وسبب التقوى بكون الخبر جملة على ما في المفتاح، وهو أن المبتدأ؛ لكونه مبتدأ يستدعي أن يسند إليه شيء، فإذا جاء بعده ما يصلح أن يسند إلى ذلك المبتدأ صرفه ذلك المبتدأ إلى نفسه سواء كان خاليا عن الضمير أو متضمنا له، فينعقد بينهما حكم، ثم إذا كان متضمنا لضميره المعتد به بأن لا يكون الخبر معه متشابها بالخالي عنه كما مر، صرفه ذلك الضمير إلى المبتدأ ثانيا، فيكتسي الحكم قوة.

أقول: لو قال: هو أن المسند إليه لكونه مسندا إليه يستدعي أن يسند إليه شيء لكان أعم وأوضح، ثم المستفاد من كلامه أن السامع أولا يصرف الجملة الصالحة إلى المبتدأ مع قطع النظر عن إسناد فيه، وثانيا: يصرفه إليه باعتبار إسناد فيه. والأظهر: أنه يصرفه الضمير أولا؛ لأن كونه صالحا للصرف إليه بملاحظة الضمير، ثم يصرفه للمبتدأ إلى نفسه لكونه صالحا.

قال الشارح المحقق: فعلى ما ذكره المفتاح لا تقوى في زيد ضربته؛ لأن الضمير لم يصرفه إلى زيد ثانيا، وفيه بحث؛ لأن زيدا صرف ضربته إلى نفسه باعتبار أنه مضروب، فتكرر هذا الصرف بالضمير، ووجه التقوى على ما نقل عن دلائل الإعجاز: أن الاسم لا يؤتي معرى عن العوامل إلا لحديث قد يؤدي إسناده إليه، فإذا قلت: زيد، فقد أشعرت قلب السامع بأنك تريد الإخبار عنه، فهذا توطئة له وتقدمة للإعلام به، فإذا قلت: قام دخل في قلبه دخول المأنوس، وهذا أشد للثبوت، وأمنع عن الشبهة والشك، وبالجملة ليس الإعلام بالشيء بغتة مثل الإعلام به بعد التنبيه عليه والتقدمة، فإن ذلك يجري مجرى

<<  <  ج: ص:  >  >>