للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتوجيه ما ذكره: أنه قد يصح الإخبار عن النكرة المحضة، وذلك إن كان مفيدا، نحو: كوكب انفض الساعة، وإلا فكيف يتوهم كون قائم مبتدأ؟

(أو التفاؤل)؛ إذ لفظ الخبر مما يتفاءل به المخاطب، فيقدم اهتماما بالتفاؤل، أو لأن العادة التفاؤل أول ما يقرع السمع، فيقدم؛ لئلا يفوت التفاؤل به بوقوعه، لا في أول التكلم أو التطير (نحو: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ) (١).

(أو التشويق إلى ذكر المسند إليه كقوله) أي: قول محمد بن وهيب في المعتصم بالله المكنى بأبي إسحاق:

[ثلاثة تشرق الدنيا] (٢) فأعل تشرق [ببهجتها] والجملة صفة ثلاثة عبر عن نور الكوكبين بالبهجة أي الحسن تغليبا لحسن أبي إسحاق على نورهما ووسط ذكر أبي إسحاق إشعارا بما اشتهر من أن خير الأمور أوسطها:

شمس الضّحى وأبو إسحاق والقمر

إضافة الشمس إلى الضحى طالبة لتقييد القمر بكونه بدرا، إلا أنه فاته لضيق الشعر، واعتمد على أنه يتفطن الفطن بالتقييد من تقييد الشمس.

قال الشارح في شرح المفتاح: الأولى أن يكون التقدير: لنا ثلاثة ويكون شمس الضحى بدلا عن الثلاثة، ومن حق هذه النكتة تطويل الخبر وقد جاء بدونه كقوله:

وكالنّار الحياة فمن رماد ... وآخرها وأوّلها دخان (٣)

ومما جعله الساكي سبب التقديم أن يكون المراد من الجملة إفادة التجدد، فيقدم فيه المسند على المسند إليه، ولما كان زيد قام، يشارك قام زيد في إفادة التجدد كما صرح به، ومع ذلك لم يقدم على زيد، مع أنه المسند إليه لقام


(١) المسد: ١.
(٢) البيت أورده القزويني في الإيضاح (١٠٧)، والسكاكي في المفتاح (٣٢٤)، ومحمد بن علي الجرجاني في الإشارات (٧٩).
(٣) البيت لأبي العلاء المعري، أورده القزويني في الإيضاح (١٠٨)، والسكاكي في المفتاح (٣٢٤)، والجرجاني في الإشارات (٧٨).
انظر: تعليق السكاكي- رحمه الله- على البيت في المفتاح ص ١١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>