للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيئا يجري مجرى الأصل في التقديم غير العناية والاهتمام، لكن ينبغي أن يفسر وجه الاهتمام، ويبين له معنى، ولا يقتدي بكثير من الناس في ظنهم كغاية أن يقال: إنه قدم للاهتمام، وقد فصلناه لك تفصيلا في أحوال المسند إليه، فالمراد بالاهتمام: الاهتمام المستند إلى أمر، فهذا الكلام إيضاح للتقييد بقوله غالبا (ولهذا) أي: للاهتمام (يقدر) المحذوف (في (بسم الله) مؤخرا) والأولى ولهذا أيضا؛ لئلا يوهم اختصاص تقدير المؤخر بنكتة الاهتمام؛ لأنه بمجموع الأمرين من التخصيص والاهتمام، وليس المقصود من قوله: ولهذا الاستشهاد على ما سبق كما يتبادر إلى الوهم، حتى يرد أن تقدير المؤخر فيه لا يدل على أن التقديم يفيد في الجميع اهتماما بالمقدم، ووجه الاهتمام باسم الله بين (وأورد) على كون اسم الله أهم، فالإيراد على قوله: ولهذا يقدر إلخ، أو أورد على كون الاهتمام من مقتضيات التقديم، فالإيراد على قوله المذكور أو على قوله: ويفيد في الجميع ...

إلخ، وهناك احتمال في غاية الدقة، وهو أنه عطف على يقدر، أي: ولكون التقديم مفيدا للاهتمام لا محالة، أورد على نظم القرآن اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ (١) وأوجب بهذين الجوابين، فيكون قوله: ولهذا للأمور الثلاثة (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) لأنه يصح تقديم اقرأ إن لم يكن الاهتمام موجبا للتقديم، أو لم يكن اسم الله أهم (وأجيب بأن الأهم فيه القراءة) وذلك لا ينافي كون اسم الله أهم في بسم الله؛ لأن الفعل فيه ليس أهم من اسم الله لعدم عروض ما يجعله أهم من اسم الله، ويعارض الجهة الذاتية فيه للأهمية، ويترجح عليها، كما في اقرأ، أو لا ينافي اقتضاء الأهمية في: بسم الله؛ لأنه ليس هنا أهمية اسمه تعالى، وذلك لأنها أول آية نزلت بالاتفاق، وأول ما يؤمر به الرسول بالقراءة، فأمر القراءة أهم في هذا المقام، وقول الشارح: لأنها أول سورة نزلت بناء الأمر على واحد من الأقوال الثلاثة، ثانيها أن أول سورة نزلت هي الفاتحة، وثالثها هي المدثر، لكنه لا خلاف في أن هذه الآية أول آية نزلت، ويتجه عليه أن القول بأنها أول سورة نزلت لا يستلزم القول بأنها لم يسبق هذه الآية شيء في النزول؛ لأن الفاتحة أول سورة نزلت على قول، مع الاتفاق بأن هذه الآية أول ما نزلت؛ إلا أن يقال:

القول بأنها أول سورة نزلت لا ينفك عن القول بأن جميع أجزائها متقدمة على


(١) العلق: ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>