للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورعاية ما تعارف في كلامهم من شغل حيز ما التزم حذفه بشيء آخر ويمكن في دفعه بتكلف أن الحصر بالإضافة إلى مجرد التأكيد (وكذلك) إشارة إلى قولك:

زيدا عرفت فلذا أتى بما هو للبعيد (بزيد مررت) فإنه لرد الخطأ في تعيين الممرور به، وكذلك يوم الجمعة سرت إلى غير ذلك، ومع دخول إما ليس إلا للتخصيص.

(والتخصيص لازم للتقديم غالبا) أي: لتقديم المعمول على الفعل وشبهه لا لمطلق التقديم، إذ لا يصح في تقديم بعض المعمولات على بعض كما سيظهر لك، ولا في تقديم المسند إليه؛ إذ التخصيص والتقوى سواء في نحو: هو يأتيني، صرح به الشارح المحقق في بحث القصر من شرح المفتاح، ووافقه السيد السند في شرح المفتاح، وهو ظاهر كلام عبد القاهر في بحث المسند إليه كما مر، وكان الأخصر الأعذب والتقديم للتخصيص غالبا، إذ في تقييد اللزوم بالغالب خرازة، وكأنه أراد الإشارة إلى توجيه قول المفتاح: والتخصيص لازم للتقديم، وقد يكون لمجرد الاهتمام، أو التبرك، أو الاستلذاذ، أو موافقة كلام السامع، أو ضرورة الشعر، أو رعاية الفاصلة، أو السجع، وما أشبه ذلك (ولهذا يقال في: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) معناه: نخصك بالعبادة والاستعانة، وفي لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (١) معناه: إليه تحشرون لا إلى غيره، فإن قلت: تفسير ما قدم فيه المعمول بالاختصاص لا يتوقف على لزومه للتقديم غالبا حتى يظهر كونه لهذا، قلت: تفسيره به مع وجود غيره من النكات كالتبرك ورعاية الفاصلة في المثالين، وموافقة فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (٢) في إِيَّاكَ نَعْبُدُ من غير طلب قرينة يدل على أن اللازم غالبا، وفيه رد لما قال ابن الحاجب من أن التقديم في نحو: الله أحد وإياك نعبد، للاهتمام، ولا دليل على كونه للحصر.

(ويفيد في الجميع) أي: في جميع صور تقديم متعلقات الفعل (وراء التخصيص) بعد نكتة التخصيص (اهتماما بالمقدم) وفيه أنه لا وجه لتخصيص الاهتمام بما سوى التخصيص؛ إذ لا ينفك التقديم عن الاهتمام؛ لأنهم إنما يقدمون الأهم والكسب، وفيه إيماء إلى ما قال الشيخ عبد القاهر: إنا لا نجد


(١) آل عمران: ١٥٨.
(٢) العنكبوت: ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>