من حيث الجزئية للكلام، فتقييد السيد السند التعريف بقوله: بطريق معهود في شرح المفتاح احترازا عن قولنا: اختص القيام بزيد كما أوضحه في حواشيه على شرحه محل تأمل، نعم، لو جعل القصر مقصورا على الطرق الأربعة احتيج إلى التقييد؛ لإخراج ضمير الفصل وتعريف المسند إليه وتعريف المسند.
(وهو حقيقي وغير حقيقي) أي: مجازي؛ لأن حقيقة التخصيص إثبات شيء لشيء وسلبه عن جميع ما عداه، فاستعماله في تخصيص شيء بشيء وسلبه عن بعض ما عداه بطريق المجاز، وفيه أن القصر الادعائي حينئذ يجب أن يدخل في غير الحقيقي، مع أن الإثبات لشيء، والسلب عن جميع ما عداه ادعاء داخل في القصر الحقيقي، فلذا جعله الشارح مقابلا للإضافي، وفيه أن القصر مطلقا إضافي، فالحقيقي بالإضافة إلى جميع ما عدا الشيء، وغير الحقيقي بالإضافة إلى بعضه، فالحقيقي بأي معنى يعتبر لا يخلو عن شوب إلا أن يدعي أنه اصطلاح من القوم، فترجع المناقشة إلى وجه التسمية، ويكون هينا، فاختيار السيد السند التوجيه الأول، ورد على الشارح التوجيه الثاني ليس بذاك، فإن قلت: تقسيم القصر إلى الحقيقي والمجازي يستلزم استعمال القصر في المعنى الحقيقي والمجازي معا، قلت: المراد بالحقيقي ما يكون حقيقة بالنسبة إلى اللغة، وكذا بالمجازي، وإلا فالقصر المنقسم له معنى اصطلاحي يندرج فيه كلا القسمين حقيقة.
(وكل منهما) أي: من الحقيقي وغير الحقيقي (نوعان: قصر الموصوف على الصفة، وقصر الصفة على الموصوف)(١) قال الشارح: الفرق بينهما واضح، فإن معنى الأول: أن الموصوف ليس على غير تلك الصفة، لكن تلك الصفة يجوز أن تكون حاصلة لموصوف آخر، ومعنى الثاني أن تلك الصفة ليست إلا لذلك الموصوف، لكن يجوز أن تكون لذلك الموصوف صفات أخر.
هذا، وفيه بحث؛ لأنه لا يستفاد من شيء من القصرين جواز اشتراك المقصور عليه، بل يحتمل امتناع الاشتراك، فليس الجواز مدلول القصر، وأيضا لا موجب لإفراد الموصوف، وجمع الصفة، وقال السيد السند: وجه الانحصار فيهما أن القصر إنما يتصور بين شيئين بينهما نسبة، فإما أن يكون قصرا للمنسوب
(١) قصر الموصوف على الصفة هو ما لا يتجاوز فيه الموصوف صفته وإن جاز أن تكون لموصوف آخر، وقصر الصفة على الموصوف هو ما لا تتجاوز فيه الصفة موصوفها، وإن جاز أن يكون له صفة أخرى.