لقصر الموصوف بقوله: شاعر هو وقائم هو (وفي قصرها أنا كفيت مهمك) لمن اعتقد شركة الغير أو انفراده، أو تردده، واعلم أن قولك: ما تميمي أنا، وهل تميمي أنا؟ يحتمل أن يكون من قبيل تقديم ما حقه التأخير، وأن يكون من قبيل ما حقه التقديم، واستخير ذلك من تذكر الوجهين في: أقائم زيد، إن بلغك خبر من المبتدأ، ولست بعار عن نحوه.
(وهذه الطرق) الأربعة تتفق من وجه، وهو: أن المخاطب معها يلزم أن يكون حاكما حكما منسوبا بصواب وخطأ، وأنت تطلب بها تحقيق صوابه، ونفي خطئه تحقق في قصر القلب كون الموصوف على أحد الوصفين أو كون الوصف لأحد الموصوفين، وهو صوابه تعيين حكمه، وهو خطؤه وتحقق في قصر الإفراد حكمه في بعض، وهو صوابه، وتنفيه عن البعض وهو خطؤه.
(وتختلف من وجوه) كذا في المفتاح، ولما كان ما ذكر في بيان الاتفاق مستغنى عنه بما مر من تعيين المخاطب في أقسام القصر، ومع ذلك لم يكن صحيحا؛ إذ لا يلزم كون المخاطب على خطأ؛ بل اللازم كونه على شك، أو خطأ، أسقطه المصنف ح، ونعما هو، إلا أن يقال: قصر التعيين في شاك يعتقد أن غاية الأمر الشك، ولا سبيل إلى الاعتقاد لرد الخطأ في اعتقاد التوقف وفي غيره، نزل منزلة من اعتقد التوقف، ولم يجوز سبيل الخروج عن الشك.
(فدلالة الرابع)(١) أي: التقديم قدمه في البيان على خلاف المفتاح؛ لأنه أدخل في البلاغة (بالفحوى) كسلمى وحمراء وعشراء، وهو مفهوم الكلام ومذهبه يعني: يرشد إلى القصر خصوصية المفهوم بحسب البيان مع التقديم، ويخص به ذوق دون ذوق، حتى حرم عن دركه بعض من له كعب أعلى في درك الدقائق العقلية والنقلية، وأنكره الحاجب، وكان آخر يقول لمن يسأله عن فائدة تقديم وقع في الكلام القديم: أنه فاعل مختار بفعل ما يشاء، ولعلك تقول: كان هذا حكم في مبادئ الاستعمال، وإلا فقد شاع قصد القصر في مقام التقديم
(١) فدلالته على القصر بالذوق والبحث في سر التقديم حتى يفهم بالقرائن الحالية أنه للتخصيص لا لغيره من أغراض التقديم، ولا تتنافى الدلالة الوضعية في الثلاثة الأولى البحث عنها في علم المعاني؛ لأنه لا يبحث فيه عن دلالتها على القصر، وإنما يبحث عن مزايا القصر وأحواله وعن المقامات التى تدعو إليها ولا شك أن هذا من صميم علم المعاني.