بحيث صار موضوعا بالغلبة للقصر، وربما يوجه دلالته بأن المخاطب، إذا أخطأ في قيد من قيود الكلام يقتضي الاهتمام برد الخطأ فيه تقديمه.
(والباقية) بالجر عطف على الرابع (بالوضع) عطف على قوله: بالفحوى، عطف على معمولي عاملين مختلفين، والمجرور مقدم، أي: بالوضع لمعان يحصل منه القصر، فإن حرف النفي وضع للنفي، وحرف الاستثناء للإخراج عن حكم النفي، ويلزم من اجتماعهما قصر، وهكذا غيره، والمقصود في الفن أحوال تلك الثلاثة من كون قصرها إفرادا أو قلبا، أو تعيينا، وهي إنما تستفاد بحسب المقام دون ما يستفاد منها بالوضع وقوله:(والأصل في الأول النص على المثبت والمنفي) إشارة إلى وجه آخر من الوجوه، وقد أشار إلى كيفية النص عليهما بقوله (كما مر) من تقديم النفي في العطف ببل، وتقديم الإثبات في العطف بلا، وليس المراد منه مجرد حوالة المثال، كما يتبادر من ظاهر المقال (فلا يترك) النص عليهما (إلا) ليكثر منها (كراهة الإطناب) ورعاية السجع، ولا يخفى التفصيل على أولي الألباب، وربما يدعو إلى ترك النص، ورجحان الاختصار، أو كراهة المساواة، ولا يبعد إدخال المساواة تحت الإطناب بقرينة (كما إذا قيل: زيد يعلم النحو والتصريف والعروض، أو زيد يعلم النحو وبكر وعمرو)؛ إذ لا يخفى أن النص بالمثبت والمنفي فيهما مساواة لا إطناب (فنقول فيهما: زيد يعلم النحو لا غير)، أو تقول في الأول: زيد يعلم العلمين لا العروض، وفي الثاني:
الرجلان يعلمان النحو، ولا عمرو، وربما يكون زيد يعلم النحو، لا غير نصا على المثبت والمنفي، كما إذا قصد القصر الحقيقي، فلذا قيده بقوله: إذا قيل، فاعرفه، وحذف المضاف إليه من لا غير أمارة غاية الاجتناب عن الإطناب، ولا غير مبني على الضم تشبيها بالغايات لحذف المضاف إليه مع كونه منويا، أي: لا غيره بمعنى: لا غير زيد، أو لا غير النحو، وهذا على تقدير كون لا عاطفة، إما على تقدير كونها لنفي الجنس، كما في بعض كتب النحو، أي: لا غيره عالم، أو معلوم، فليس من طرق القصر (أو نحوه)، والمراد بنحو: لا غير لا من عداه، ولا من سواه، ولا علما آخر.
والمستفاد من الإيضاح أن المراد به ما في المفتاح من نحو: ليس غير، وليس إلا، ويتجه عليه أنه ليس من طريق العطف، بل النفي والاستثناء وأجاب عنه