للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشارح بأن العدول من الأصل بوضع مجمل مقام النص على المنفي، قد يكون مع حفظ العطف، وقد يكون بترك العطف، وإيراد ما يؤدي مؤداه، ووصفه بالدقة، ووصى بالتأمل، وفيه أنه ليس مما كان الأصل فيه النص على المثبت والمنفي، بل طريق الاستثناء الذي الأصل فيه النص على المثبت فقط، والأصل فيه مرعي، وليس مما نحن فيه.

(وفي الباقية) من الطرق، والأولى ترك في ليكون العطف على معمولي عاملين مختلفين مع تقدم المجرور، وأما مجموع الجار والمجرور فمنصوب (النص على المثبت فقط) الاقتصار على المثبت في النفي والاستثناء واجب كما ستعرف، فلا يصح في حقه أن الأصل فيه ذلك، وقد يتكرر النص على المثبت في النفي والاستثناء لمزيد تقريره لداع، وذلك في: ليس غير، وليس إلا ليس، ألا تقول: زيد يعلم النحو ليس إلا، والداعي في قصر القلب ظاهر؛ لأن الجزء المثبت منكر للمخاطب، فلا أنفع من التقرير، وكذا في قصر التعيين؛ لأن الجزء الثبوتي مشكوك للمخاطب، فلا أنفع من مشكوك، وأما في قصر الإفراد، فالمبالغة في الاتصاف ومزيد إظهار؛ لأنه مخالفة مع الصواب، وإنما المخالفة في تحقق خطئه، وهذا أدخل في قبول المخاطب نفي الشركة، فاحفظه، فإنه من ودائعنا، وأما جمعه مع بدائعنا، وأشار إلى ثالث من وجوه الاختلاف بقوله:

(والنفي) (١) يعني: بلا العاطفة بقرينة دليله، لا بقرينة أنه لا دليل على امتناع ما زيد إلا قائم ليس هو بقاعد، كما ذكره الشارح؛ لأن تلك القرينة بمعزل عن الاعتبار مع وجود ما ذكرنا، وإنما لم يقل: والأول (لا يجامع الثاني) كما في المفتاح؛ لأن الحكم مختص بلا، كذا في الشرح يريد أن المدعي مخصوص بقرينة دليله؛ لأنه يجامع بل الثاني حتى يناقش فيه بظهور امتناع ما زيد إلا قائم، بل قاعد، على أن الحكم هو الفرق بين الثاني والأخيرين، وكما لا يصح: ما زيد إلا قائم، بل قاعد، لا يصح إنما زيد قائم، بل قاعد، وتميمي أنا، بل قيسي، نعم يتجه أن المعدول إليه لا يترجح لأن الحكم كما لا يعم الأول بأسره، لا يعم النفي، وكما يتخصص النفي بالقرينة تخصص الأول، على أن في العدول إلى النفي إيهاما


(١) يعني النفي بلا كما يؤخذ من توجيهه له؛ ولأن المراد أن طريق القصر بلا لا يجامع طريق النفي والاستثناء، أما النفي بغير «لا» فيجامع النفي والاستثناء ولا وجه للفرق بينهما إلا السماع.

<<  <  ج: ص:  >  >>