للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنما أنا تميمي، لا قيسي، وهو يأتيني، لا عمرو) ومن العجاب تمثيل السكاكي بقوله: وهو يأتيني، وقد أنكر كون التقديم فيه للتخصيص كما عرفت، وأعجب منه أن الشارح المحقق اعترض عليه بأن الأولى التمثيل بزيد أضربت؟ لأنه شائع في التخصيص بخلاف هو يأتيني، فإن التخصيص والتقوى فيه سواء، والسيد السند وافقه، وكأنه هذا المقام بغفلة، ولم يسلم فيه قافلته (لأن النفي فيهما غير مصرح به) بل صريحهما الإثبات، ويلزمهما النفي بخلاف النفي والاستثناء، فإن نفيه مصرح به، وإن لم يكن المنفي مصرحا به (كما يقال: امتنع زيد عن المجىء، لا عمرو) فكما جاز هذا التركيب مع عدم جواز: لم يجىء زيد، لا عمرو، وللفرق بين النفي المصرح به، وغير المصرح به جاز مجامعة النفي الأخيرين دون الثاني، فلا يردانه لا يصلح نظيرا لما سبق؛ لأن المنفي بلا ليس منفيا قبلها فيه، بخلاف ما سبق والواضح في هذا القيد عبارة المفتاح، حيث قال: ووجه صحة مجامعة لا العاطفة إنما مع امتناع مجامعتها ما، وإلا عين وجه صحة أن يقال: امتنع عن المجىء زيد، لا عمرو، ومع امتناع أن يقال: ما جاءني زيد، لا عمرو، وهو كون معنى النفي في إنما، وفي قولك امتنع عن المجىء ضمنا لا صريحا، قال الشارح: ثم ظاهر كلامهم يقتضي جواز قولنا: أتى زيد إلا القيام، لا القعود، وقرأت إلا يوم الجمعة، لا سائر الأيام؛ لأن المنفي بلا، ليس منفيا بشيء من كلمات المنفي، اللهم إلا أن يقال: التصريح بالاستثناء مشعر بأن النفي أيضا في حكم المصرح أي: لم يرد زيدا إلا القيام، وما تركت القراءة إلا يوم الجمعة فيمتنع بزيد أنه لا يصح قوله: والنفي لا يجامع الثاني لمجامعته في هذين المثالين، اللهم إلا أن يقال: إلخ.

وفيه بحث، لأن الاستثناء عن المثبت ليس الثاني، وإنما الثاني النفي والاستثناء على أن بناء صحة قرأت إلا يوم كذا على تأويله بالنفي بخلاف ما تقرر في محله أنه استثناء من الإثبات لاستقامة المعنى، ثم قال (السكاكي) (١) لا وجه لتقديم قول السكاكي مع تقديم الشيخ إلا أن يقال: ذكر قول السكاكي للترنيف بقول الشيخ، والترنيف إنما يكون بعد الذكر.


(١) المفتاح ص ١٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>