للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(شرط مجامعته للثالث) من قال: تقدير شرط، حسن مجامعته للثالث ليوافق كلام الشيخ لم تتضح عبارة السكاكي، والتقيد بالثالث فيما بينهم؛ لأن دلالة الرابع على القصر أضعف من الثالث؛ لأنه ليس بالوضع، وفيه تنبيه على أن مجامعته النفي مع الرابع أجلى وأشبع، قال الشارح المحقق: لم تذكروا هذا الشرط في التقديم، لا وجوبا ولا استحسانا، فكان دلالته على القصر أضعف، وقد عرفت أن كونها أضعف ليس فيه ريبة (أن لا يكون الوصف مختصا بالموصوف) (١) الباء داخل على المقصور عليه بقرينة المثال، وإن كان صحة الحكم لا يقتضيه، بل لو جعل داخلا على المقصور لصح؛ إذ شرطه أيضا أن لا يكون الموصوف مختصا بالوصف، فلا يقال: إنما الزمن قاعد، لا قائم، فترك بيانه لظهور حاله بالمقايسة، وقد قيد السكاكي الوصف بقوله في نفسه، أي: لا يكون مختصا نظرا إلى نفسه، وإلا فلا بد من اختصاص الوصف حتى يصح القصر نحو إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ (٢) فإن كل عاقل يعرف أن الاستجابة، أي:

الإجابة كما في شرح العلامة للمفتاح لا يكون إلا زيد ممن يسمع ويعقل، وأسقطه المصنف في الإيضاح أيضا؛ لأن المدار على ظهور الاختصاص سواء كان منشؤه نفس الوصف، أو الموصوف، أو عرف، وغفل الشارح عما قصده، فظنه إهمالا، وقيده به في الشرح قال (عبد القاهر: لا يحسن) المجامعة المذكورة (في الوصف المختص) أي: مقدار ما يحسن في غيره، وهذا أقرب لرجحانه عقلا ونقلا؛ لأن الشيخ أعلى كعبا، ولأن شهادة المثبت أصدق من شهادة الثاني؛ إذ الإحاطة بالنفي متهمة لا يكاد يقبل، ولا يذهب عليك أنه لا يتصور القصر في الوصف الظاهر الاختصاص إلا لتنزيل المخاطب منزلة المخطئ، أو المتردد لداع، ولذا كان قول عبد القاهر أرجح عقلا.

(وأصل الثاني) إشارة إلى الوجه الرابع من وجوه الاختلاف، ووجه الاقتصار في ذلك الاختلاف على الثاني والثالث، كأنه أن الأول والرابع مستويا النسبة بالمجهول والمعلوم، فوجه الاختلاف أن انقسام الطرق ثلاثة أقسام، فلا يرد أنه في هذا الوجه ليس اختلاف الطرق، بل الطريقين (أن يكون ما استعمل)


(١) أي بالنظر إلى الوصف في نفسه وإن كان مختصا بالموصوف بحسب المقام الذي اقتضى قصره عليه.
(٢) الأنعام: ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>