من الإسناد، والتعلق يدل عليه قوله: فيما سبق، وكل من الإسناد والتعلق، إما بقصر أو بغير قصر، وفسره الشارح بالحكم (له مما يجهله المخاطب وينكره) فاستعماله في قصر التعيين على خلاف الأصل، إذ لا إنكار فيه ولو اكتفى بقوله:
ينكره لكفاه (بخلاف الثالث) فإنه يجىء لخبر، لا يجهله المخاطب على ما في دلائل الإعجاز، قال الشارح المحقق: وفيه إشكال؛ لأن المخاطب إذا كان عالما بالحكم، لم يصح القصر، ولا إشكال فيه؛ لأنه يصح أن يكون إما عالما في ما ينزل منزلة المجهول دون النفي والاستثناء، ويكون النفي والاستثناء غالبا في المنكر، وربما يستعمل في معلوم منزل منزلة المجهول، كما أنه ربما يستعمل إنما في مجهول منزل منزلة المعلوم، ومآل تنزيل المجهول منزلة المعلوم فيها تنزيل المجهول الحقيقي منزلة المجهول، لا دعائي، كما أن مآل تنزيل المعلوم منزلة المجهول في النفي، والاستثناء بتنزيل المجهول، لا دعائي منزلة المجهول الحقيقي، ولا يخفى كمال لطافة هذين التنزيلين، ووقته، واختصاصهما بمن يكاد يتوجه بفطنة، وهل هذا إلا ما يحق به البلغاء المخاطبة، (وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ)(١) ووجه الشارح كلام الشيخ تحمل قوله: يجىء لخبر لا يجهله المخاطب على خبر من شأنه أن لا يجهله، ولا ينكره حتى أن إنكاره يزول بأدنى تنبيه، وليس مما يصر عليه، فقال: وهو الموافق لما في المفتاح حيث قال: إن طريق إنما يسلك مع مخاطب في مقام لا يصر على خطئه، أو يجب عليه أن لا يصر، وأشار بكون بيان الشيخ موافقا للمفتاح إلى أن المصنف في بيانه، إما في غفلة عن الموافقة أو في عدول عن عبارة المفتاح مع وضوحها إلى عبارة متعلقة (كقولك لصاحبك، وقد رأيت شبحا) بالتحريك، وقد يسكن أي: شخصا كذا في الصحاح (من بعد ما هو إلا زيد إذا اعتقد) صاحبك أو على صيغة المجهول للعلم بفاعله، أي: اعتقد ذلك الشبح (غيره) أي: زيد بأن يكون زيدا وعمرا، أو يكون عمرا مصرا على هذا الاعتقاد، فالمثال يحتمل القسمين فلذا اكتفى به، لا لأنه يختص بقصر القلب، وجعله المفتاح مخصوصا بقصر القلب، حيث قال: إذا توهمه غير زيد، ويصر على إنكار أن يكون إياه، فالمصنف أسقط قوله: ويصر على إنكار أن يكون إياه لتكثير الفائدة، لا لمجرد تقليل اللفظ، ولم يقل إذا اعتقد غيره،