للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معرفته (فيستعمل له الثالث نحو: ) قوله تعالى حكاية عن اليهود: (إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ) (١) ادعوا أن كونهم مصلحين لكمال ظهوره معلوم للمخاطب، أو لكون معرفة المصلح أمرا واجبا لم يرض أحد من نفسه بالجهل بإصلاحهم (ولذلك) الادعاء المستلزم لكمال الإنكار (جاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ (٢) للرد عليهم مؤكدا بما ترى) أي: بما تعلمه محققا أو بما تبصره لكمال ظهوره على حسب إنكارهم تصدير الكلام بحرف التنبيه الموجب لكمال العناية بتفهيمه، وبأن، وإسمية الجملة، وبضمير الفصل الذي للتأكيد عند ما يفيد الحصر، وبتعريف المسند المفيد لحصر الإفساد فيهم ادعاء، والحصر على تأكيد، وادعاء حصر الفساد فيهم تأكيد آخر هذا، وهنا تأكيد آخر لم يشر إليه المصنف، وهو توبيخهم وتقريعهم بقوله: (وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ) (٣) وجعله داخلا في قوله:

ما ترى كما يشعر به كلام الشارح بعيد عن السوق ويأباه بيان الإيضاح (ومزية إنما على العطف) المشارك له في الدلالة على القصر بحسب الوضع، فلا يرد أن تلك المزية مشتركة بين التقديم، وإنما لكن يتجه أن ما عليه المزية لا ينحصر في العطف، بل منه النفي والاستثناء (أنه يعقل منها الحكمان معا) كما هو مقتضى القصر؛ لأن القصر أمر إجمالي لا ترتيب في تعقله بين الحكمين، فهو مفهوم إنما، ومترتب على تعقل الحكمين في العطف تفصيلا، فالقصر مع إنما من حاق العبارة، وفي العطف لازم مفهوم العبارة، وفي الشرح أن المزية في ذلك أنه يفهم القصر من أول الأمر، ولا يذهب الوهم إلى خلافه.

(وأحسن مواقعها التعريض) أي: الإشارة إلى معنى غير مقصود من حاق العبارة (نحو: إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ (٤) فإنه تعريض بأن الكفار من فرط جهلهم كالبهائم، فطمع النظر منهم كطمعه منها) ففيه تعريض بطامع النظر منهم، وبما لا ينبغي أن يصدر منه الطمع وبالكفار، وبكونهم كالبهائم، هذا مقتضى سوق كلام المصنف، والمطابق لما ذكره في الإيضاح، وهو أحسن مما ذكره


(١) البقرة: ١١.
(٢) البقرة: ١٢.
(٣) البقرة: ١٢.
(٤) الرعد: ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>