للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتقدم المقصور عليه على الأداة فتقول في: ما جاءني إلا زيد، ما جاء إلا إياي، لا لأن التقديم فيه كثير، بل لأنه لا يجوز أصلا، لأن القصر إنما يكون فيما يلي إلا فينعكس المقصود (نحو: ما ضرب إلا عمرا زيد، وما ضرب إلا زيد عمرا) والدليل على وقوع هذا التقديم قول الشاعر:

لا أشتهي يا قوم إلا كارها ... باب الأمير ولا دفاع الحاجب (١)

وقوله:

كأن لم يمت حيّ سواك ولم يقم ... على أحد إلا عليك النّوائح (٢)

(لاستلزامه قصر الصفة قبل تمامها) في المثالين المذكورين؛ لأن المقصور ضرب زيد في عمرو، لا مطلق الضرب، وضرب واقع على عمرو في: زيد لا مطلق الضرب، ففي التقديم إيهام المقصود، أولا وينبغي أن يعلم أن ما ضرب إلا عمرا زيد أضعف من: ما ضرب إلا زيد عمرا؛ لأن فيه رعاية الأصل من تقديم الفاعل، وفي: ما ضرب إلا عمرا زيد، خلاف الأصل، ولا يخفى أن قوله: لا أشتهي إلخ من قصر الموصوف على الصفة فإنه من قبيل قصر المتكلم وقت الاشتهاء على الكراهية، ففيه قصر الموصوف على الصفة قبل تمامه؛ لأن وقت الاشتهاء باب الأمير، ودفاع الحاجب من تتمة المقصور، فالتعليل قاصر، ويمكن أن يعلل الحكم بأن المقصور بمنزلة أمر واحد، والفصل بين أجزائه بالمقصور عليه، كالفصل بين أجزاء كلمة. وبعض النحاة منع التقديم بحالهما أيضا، وجعل ما ضرب إلا عمرا زيد كلامين بتقدير ضرب زيد في جواب من ضرب؟ ولا يخفى أنه تكلف وقال المصنف: هذا التقدير باطل؛ لأنه يفيد الحصر في الفاعل أيضا ومنعه البعض؛ لأن المقدر خال عن أداة القصر وقال الشارح المحقق إن السؤال المقدر يقتضي الجواب باستيفاء الضارب حتى لو ضرب زيد عمرو، وقلت في جواب من ضرب عمرا زيد، لم يتم الجواب. فقال: نعم يمكن التزام القصرين في هذه الصورة والتزام أنه لا يقدم المفعول مع إلا على الفاعل، إلا إذا أريد القصران.


(١) البيت لموسى بن جابر الحنفيّ في خزانة الأدب (١/ ٣٠٠)، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٣٦٣.
(٢) البيت لأشجع السلمي في خزانة الأدب (١/ ٢٩٥)، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٨٥٨، والمقاصد النحوية (٣/ ٥٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>