ما ذكره في سلك ما ذكرناه في مقام الإجمال، ولقد حق القول بأن في التأخيرات آفات (لطلب التصديق) قد ظهر وجه لتقديمه على التصور فأدركه إن كنت من أهل التدبر، وهناك وجه آخر هو أنه ليس طلب التصور إلا كلام ظاهري ولا طلب إلا للتصديق، وسنحققه لك إن شاء الله تعالى وننجيك من التحير (كقولك أقام زيد؟ ) قدم الفعلية لأن الاستفهام أحق بها (وأزيد قائم؟ ) وألم يقم زيد؟ وأزيد ليس بقائم؟ وما من مقام يستفهم من الإيجاب إلا وسعة الاستفهام عن السلب ويرجح أحدهما على الآخر رغبة المتكلم به والاهتمام بوقوعه (أو التصور كقولك) في طلب تصور المسند إليه (أدبس في الإناء أم عسل؟ ) فإنك تعلم أن في الإناء شيئا والمطلوب بعينه (و) في طلب تصور المسند (أفي الخابية دبسك أم في الزّقّ؟ ) فإنك تعلم أن الدبس محكوم عليه بالكينونة في أحدهما والمطلوب التعيين قال السيد السند: كون الاستفهام لطلب التصور كلام ظاهري مبني على التوسع لوجهين: أحدهما: أن المجيب لسؤال أدبس في الإناء أم عسل؟ لم يزد في تصور السائل شيئا. وثانيهما: أن الحاصل بالجواب هو التصديق بثبوت المحمول لمعين وهذا التصديق يخالف التصديق بثبوته لأحدهما والثاني لا يمتنع عن طلب الآخر لأنه لم يحصل بحصوله ونحن نقول: مطلوب البليغ بتركيب الخبر إفادة النسبة الخارجية بين محمول وموضوع ولإحضارهما وتصويرهما طرق مختلفة فشأنه ترجيح طريق على طريق لاقتضاء المقام فيما يتعلق بهما من خصوصياتهما لتحصيل تصورهما ليكون التصديق بالنسبة على وجه يقتضيه المقام فالتصديق بالثبوت لأحد الأمرين هو التصديق بالثبوت لمعين اختلف الموضوع فيه بحسب المقامين وتعيين الموضوع في أحدهما ليحصل تصور الطرف على وجه فيه خصوصيته ليكون فائدة الخبر أتم فالمجيب بالتعيين عن سؤال أدبس في الإناء أم عسل؟ يجعل ذات الموضوع متصورا بأحدهما ليكون حكمه أتم فالمطلوب بالسؤال تغيير طرق حكمه من العموم إلى الخصوص ليصير تصديقه أتم فليس تعدد التصديق في النظر البليغ وإن اقتضته التدقيق الفلسفي فالمطلوب ليس التصديق بل تبديل التصور، وتغيير التصديق يلزم من تبديله، ولا يلزم من توجه الطلب إلى شىء توجهه إلى لازمه فجعل بعض كلمات الاستفهام لطلب التصور لكونه سؤالا عن مفرد من مفردات الخبر ليس مبنيا على التوسع، وليس