للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المقصود بالجواب إلا تصوير هذا الطرف ليكون التصديق بالنسبة أتم سواء كان التصديق الأتم تصديقا آخر أو عين الأول وإن تأملت حق التأمل لا تجد فرقا بين قول المجيب عن الاستفهام المذكور بقوله دبس وبين قولك من أول الأمر في الخابية شىء أي: دبس فكما أن النظر في التفسير ليس إلى تحصيل تصديق بل إلى تحصيل تصور الشىء بخصوصه، فكذلك جواب السؤال لتحصيل تصور الموضوع المبهم بخصوص الدبس لا أظنك في ريبة مما أوضحناه لك مع مزيد التشييد إن لم يكن بين بصرك الحديد، ومشاهدة الحق غشاوة التقليد، ومنه التوفيق والتأييد (ولهذا) أي: لكون الهمزة لطلب التصور (لم يقبح أزيد قام؟ ) كما قبح هل زيد قام؟ لإبهامه طلب التصور مع أنه لم يجئ له وذلك لأن الاستفهام بالفعل أولى فيوهم أن إيلاء الاسم للدلالة على أنه المسئول عنه، وذلك الإيهام لا يضر في أزيد قام؟ (وأعمرا عرفت؟ ) (١) كما قبح هل عمرا عرفت؟ قال الشارح المحقق:

وذلك لأن التقديم يستدعي حصول التصديق بنفس الفعل فيكون هل لطلب حصول الحاصل وهو مح بخلاف الهمزة فإنها تكون لطلب التصور وتعيين الفاعل أو المفعول وهذا ظاهر في أعمرا عرفت؟ وأما في أزيد قام؟ فلا إذ لا نسلم أن تقديم المرفوع يستدعي التصديق بنفس الفعل حتى لا يصح السؤال عن التصديق غايته أنه محتمل لذلك على مذهب عبد القاهر فيجوز أن يكون أزيد قام لطلب التصديق ويكون تقديم زيد للاهتمام ونحوه ويدل على هذا أنه علل قبح: هل زيد قام بأن؟ هل بمعنى قد لا بأنه مختص بمطلب التصديق كما سيجيء وهذا إنما يتجه على ما علل به القبح دون ما عللناه به؛ لأن زيدا قام، وأن لا يوجب كون التقديم للتخصيص حتى يكون مع التصديق بأصل الحكم بل لا يصح عند السكاكي لكن أزيد قام؟ يستدعي أن يكون التصديق حاصلا بأصل الحكم ويكون تقديم زيد لتعلق السؤال به وإلا فالاستفهام بالفعل أولى ولذا لم يقل لم يقبح أزيد قائم؟

لكن العلة في قبح هل زيدا عرفت؟ عند السكاكي والمصنف ما ذكره لا ما ذكرناه وكان الأولى أن يقول: ولهذا لم يمتنع أزيد قام أم عمرو؟ ولم يقبح إلخ (والمسئول


(١) لأنه إذا كان التقديم للتخصيص استدعى حصول التصديق بنفس الفعل ويكون المسئول عنه زيدا بخصوص وعمرا بخصوص وذلك تصور، وإذا كان لتقوية الحكم كان المسئول عن التصديق به، وكل منهما تصلح له الهمزة، وهذا بخلاف «هل» كما سيأتي. [المفتاح للسكاكي ص ١٦٩].

<<  <  ج: ص:  >  >>