للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يخفى أن هل زيدا ضربت؟ على هذا ليس متعينا للقبح، بل هو دائر بين أن يكون قبيحا أو ممتنعا إلا أن يقال الدائر بين الامتناع والقبح متعين للقبح ثم قال الشارح: وقيل: لم يمتنع لاحتمال أن يكون التقديم لمجرد الاهتمام به غير التخصيص، وفيه نظر؛ لأنه لا وجه حينئذ لتقبيحه سوى أن الغالب في التقديم هو الاختصاص وهذا يوجب أن يقبح وجه الحبيب أتمنى على قصد الاهتمام دون الاختصاص ولا قائل به، هذا وفيه أنه إذا كان احتمال الاهتمام دافعا للقبح، فلا يصح الحكم بقبح هل زيدا ضربت؟ ويختل كلام المصنف فتمام كلام المصنف يستدعي أن يكون احتمال الاهتمام مجامعا مع القبح فيصح أن يجعل وجها لحكمه بالقبح دون الامتناع وأنه فرق بين وجه الحبيب أتمنى، وقولنا هل زيدا ضربت؟

فإن في الثاني إيهام التناقض؛ فإن غلبة الاختصاص فيه يوجب الحكم بعلم المتكلم بأصل الحكم وهل يحكم بجهله به بخلاف الأول على أن في الثاني حمل المخاطب على جواب آخر خطأ هو التعيين بخلاف الأول فإنه لا يدعو إلى جواب (دون ضربته) أي: لم يقبح هل زيدا ضربته؟ (لجواز تقدير المفسر قبل زيد) جوازا غير مرجوح وإنما قيدنا الجواز لأنه الفارق بين زيدا ضربت؟ وزيدا ضربته؟ إذ الجواز مشترك قال الشارح: بل التقدير قبل زيد أرجح لأن الأصل تقديم العامل قلت: ولأن الاستفهام بالفعل أولى وجواز هل زيدا ضربته؟ مما يشهد له كلام ابن الحاجب حيث جعل النصب مختارا بعد حرف الاستفهام في المضمر على شريطة التفسير، لكن الرضى حكم بعدم جواز حذف فعل هل اختيارا وأيضا يرد على قوله دون ضربته أن انتفاء هذا الوجه للقبح لا يوجب عدم قبحه؛ لأن انتفاء علة مخصوصة لا يوجب انتفاء المعلول ما لم يقم دليل على انحصار العلة فيه.

(وجعل السكاكي قبح هل رجل عرف؟ لذلك) أي: لأن التقديم يستدعي حصول التصديق بنفس الفعل لما سبق من أن اعتبار التقديم والتأخير في رجل عرف واجب وأن أصله عرف رجل على أنه بدل من الضمير كما في قوله تعالى: (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) (١) وفيه بحث لأن اعتبار التقديم والتأخير فيه لأنه لا سبب سواه لكون المبتدأ نكرة وهو منتف مع حرف


(١) الأنبياء: ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>