للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأنه رفع لاحتمال المراد، والمستقبل مدلول له بخلاف الاسمية فما يشعر به كلام الشارح من حصر الأسماء في الذوات ليس كما ينبغي، فإن قلت: النفي والإثبات لا يخص الحملية فكيف صححت أنهما لا يتعلقان إلا بالصفات؟ قلت: لا تغفل عما سمعته من تخصيص السكاكي والمصنف الحكم في الشرطية بالجزاء فإن قلت:

الصفة في مفهوم الفعل ليست محمولة بل قائمة بالفاعل، قلت: حقق في تلك العلوم أنها راجعة إلى المحمولة فلا تنازعنا للغفلات ومما نبهك عليه أن زمانية المستقبل أظهر من غيره من الأفعال؛ لأن حدثه يمر على نظير البصيرة متماشيا مع الزمان متجزيا بتجزية على حسب أعداد الآن وهذا هو السر في اختصاصه بالاستمرار التجددي (ولهذا) (١) أي: لأن لها مزيد اختصاص بالفعل (كان فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ (٢) أدل على طلب الشكر) علم منه أن الاستفهام يكون بمعنى الطلب كما علم سابقا أنه بمعنى التمني فلما علما لم يتعرض لهما فيما سيجىء من بيان المعاني المجازية (من فهل تشكرون وفهل أنتم تشكرون) مع أن أنتم فاعل فعل محذوف وفيه تأكيد للتكرير وليس أنتم تشكرون جملة اسمية لما عرفت من قبح هل زيد قام؟ فما ذكره السيد السند في شرح المفتاح من قوله سواء كان أنتم تشكرون اسمية أو فعلية مكررة ليس كما ينبغي؛ لأن أنتم تشكرون ساقط عن درجة الاعتبار في مقام الترجيح وقد عرفت أن فهل أنتم تشكرون مما رده الرضى (لأن إبراز ما سيتجدد في معرض الثابت) لم يقل: إبراز المتجدد لأن ما سيتجدد زمانيته أظهر كما نبهناك عليه (أدل على كمال العناية بحصوله) من عدم الإبراز وإن أكد ألف تأكيد وفيه خفاء (ومن أفأنتم شاكرون لأن هل أدعى للفعل من الهمزة فتركه معه أدل على ذلك) الكمال من تركه مع الهمزة (ولهذا لا يحسن هل زيد منطلق؟ إلا من البليغ) (٣) إذ الظاهر هل ينطلق زيد أو هل زيد ينطلق بتقدير الفعل فالعدول بلا نكتة لا يحسن، ومعرفة النكتة لا تكون إلا للبليغ وفيه نظر إذ معرفة نكتة نوع من الكلام لا يتوقف على البلاغة التي هي ملكة الاقتداء على تأليف كل كلام بليغ فتأمل، وكان ينبغي أن يقول: لا يحسن إلا


(١) أي لكونها مزيد اختصاص بالفعل. [المفتاح ص ١٦٧].
(٢) الأنبياء: ٨٠.
(٣) لأنه هو الذي يراعي دقائق النكت، ويأتي بالكلام على مقتضى المقام.

<<  <  ج: ص:  >  >>