للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من البليغ مع البليغ إذ كما لا يحسن من غير البليغ لا يحسن من البليغ مع غير البليغ، وكما لا يحسن هل زيد منطلق؟ إلا منه لا يحسن أزيد منطلق لأنه يدعو إلى الفعل وإن كان دعوته دون دعوة هل إلا أن نقصان الحسن معها أقل فكأنه للتنبيه على هذا خص الحكم بهل وإلا حسن بيان المفتاح حيث قال: والخطب مع الهمزة في أزيد منطلق؟ أهون وكان منشأ ترك المصنف إياه الغفلة.

(وهي) أي: هل (قسمان بسيطة) لا يخفى أن هذا التقسيم لا يخص «هل» لأن الهمزة الطالبة للتصديق أيضا قسمان إلا أنه جرى الاصطلاح بتسمية هل بسيطة ومركبة فلذا خص بها التقسيم واعتمد على أن الطالب بعد معرفة «هل» مستغن في الهمزة عن التعليم (وهي التي يطلب بها وجود الشىء) يخرج عنه نحو قولك هل النسبة واقعة؟ هل العمى ثابت؟ (كقولنا هل الحركة موجودة ومركبة وهي التي يطلب بها وجود شىء لشىء كقولنا هل الحركة دائمة؟ ) (١) والمراد: وجود شىء لشىء نفيا أو إثباتا وكذا المراد بوجود الشىء فقولنا هل الحركة لا موجودة بسيطة؟ وهل الحركة لا دائمة مركبة؟ كذا في الشرح أقول: قد سمعت أن «هل» لا تدخل على النفي فهذا التعميم فاسد وإن أراد بالنفي العدول فالمحمول في قولنا الحركة لا موجودة غير الوجود فقد اعتبر غير الوجود أمران فهي مركبة ثم أقول جعل «هل» الحركة دائمة هل المركبة كلام ظاهري إذ المحمول فيه الوجود والدوام جهتيته القضية إلا أن الجهة والمحمول أديا بعبارة واحدة والاعتبار بالمعنى قال الشارح المحقق: قد أخذ في البسيطة شيئان الوجود وغيره وفي المركبة ثلاثة أشياء: المحمول والموضوع والوجود، أقول: هذا كلام ظاهري خال عن التحصيل إذا المعتبر في كل قضية سوى الوجود الرابطي أمران فلا يستحق ما محموله الوجود أن تكون بسيطة بالنسبة إلى ما محموله غير الوجود، والقول بأن المحمول لما كان كالنسبة من جنس الوجود كأنهما أمر واحد تكلف جدّا وكأنه من هنا وهم من قال في قضية محمولها الوجود: لا نسبة في القضية ولا تركيب إلا من الموضوع والمحمول؛ لأن الوجود يرتبط بنفسه فلا يحتاج إلى اعتبار رابط؛ ولذلك يقال: زيد هست ولا يقال هست است والأحق بالاعتبار أن البساطة دائرة على أن مطلوب هل البسيطة ليس إلا مشتملا على التصديق بوجود الشىء بخلاف


(١) الحق أن هذا التقسيم لا يختص بهل؛ لأن الهمزة مثلها فيه، على أن البحث فيه لا شأن لعلم المعاني به.

<<  <  ج: ص:  >  >>