للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

داعي إلى تأكيد الحكم (كثيرا ما يستعمل في غير الاستفهام) منه الخبر ومنه الإنشاء، وهل إرادة غير الاستفهام بهذه التراكيب من قبيل الاستعارة التمثيلية، فتكون هذه الكلمات مستعملة في معانيها، أو من قبيل التجوز في تلك الكلمات كما صرح به المصنف لا سبيل إلى تعيين أحد الأمرين، بل الأمر متوطن في موطن الاحتمال، ولذا بينه المفتاح على الإبهام، فقال: وكثيرا ما يتولد من هذه الكلمات معان بمعونة قرائن الأحوال، وبعد كون التجوز في تلك الكلمات هل وقع التجوز فيها بالأصالة أو في متعلقاتها أصالة؟ وفيها تبعا كما اعتبروا في استعارة الحروف لاشتراك العلة بين الاستعارة والمجاز المرسل، وكأنه إلى هذا أشار الشارح المحقق حيث قال: وتحقيق كيفية هذا المجاز، وبيان أنه من أي نوع من أنواعه مما لم يحم أحد حوله، وعرض به بالمصنف حيث جزم بالتجوز في تلك الكلمات بأنه أمر من عنده، والسابقون قد توقفوا، وحمل السيد السند كلامه على استصعاب بيان علاقة المجاز فيها وبيان كيفية المناسبة المجوزة له، وقال متحججا: ونحن نذكر في هذه المواضع ما يتضح به وجه المجاز فيها، ونستعين به فيما عداها، ثم استعمالها في تلك المعاني بمعونة القرائن والعلاقات، إذ لو فات شىء منهما خرج استعمالك من حيز اللطف والسداد إلى مزلقة العنف والفساد، وهل المستعمل بمجرد تقليد العرب من غير اطلاع على السبب مصيب أو كلامه معيب؟ يشبه أن يكون على الصواب كما يشم من جميع أهل اللغة المجازات المشهورة في كل باب (كالاستبطاء (١) نحوكم دعوتك) أريد به الاستبطاء اللازم للاستفهام عن عدد رعاية إياه؛ لأن الاستفهام يستلزم الجهل المستلزم لاستكثاره عادة، أو ادعاء؛ لأن القليل منه يكون معلوما عادة، والاستكثار يستلزم الاستبطاء عادة، أو ادعاء، كذا قاله السيد السند، والأقرب أن الاستفهام المذكور يستلزم عرض الكثرة، وهو يستلزم الاستبطاء.

(والتعجب (٢) نحو ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ (٣)). أريد التعجب، لأن


(١) دلالتها عليه من إطلاق اسم المسبب وإرادة السبب على سبيل المجاز المرسل؛ لأن الاستفهام عند عدد الدعاء مثلا سبب عن تكرير الدعوة، وتكريرها مسبب عن الاستبطاء في إجابتها.
(٢) دلالتها عليه من إطلاق اسم الملزوم وإرادة اللازم على سبيل المجاز المرسل؛ لأن سؤال العاقل في الآية عن حال نفسه مثلا يستلزم جهله به، وجهله به يستلزم التعجب منه.
(٣) النمل: ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>