للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فهو للإنكار الصرف، ولهذا قوبل التقرير بالإنكار، وأن يتحقق في بعض صور الإنكار، وفي قوله: هذا مراد من قال: الهمزة فيه للتقرير بما دخله النفي أنه لم يقل أحد بذلك، بل قيل الهمزة فيه للتقرير، وفسره المصنف بالتقرير بما دخله النفي، لا بالنفي، يظهر ذلك من الإيضاح، حيث قال بعد قوله للتقرير: أي للتقرير بما دخله النفي، لا للتقرير بالانتفاء، وكأنه أسقط قوله: أي: للتقرير من المتن سهوا من الناسخ، قال الشارح: ولما كان مقتضى قوله والإنكار كذلك أن لا يكون المنكر إلا يلي الهمزة، نبه على صورة أخرى (بقوله: ولإنكار الفعل صورة أخرى) يعني: لا يلي فيها الفعل الهمزة، ونحن نقول: ينطوي تحت ذلك التنبيه حل ما أشكل على السكاكي، ونكلف لتصحيحه، سيظهر لك في أثناء ما نحن بصدده، وتقديم المسند للقصر، أي: صورة أخرى مختصة بإنكار الفعل، نص عليه في الإيضاح، وكأنه أراد الاختصاص بالنظر إلى إنكار الفاعل وغيره؛ إذ جريان صورة أخرى في التقرير أيضا ظاهر، فإنه إذا اعتقد المخاطب الفعل في بعض المفاعيل، واستفهم عنه لتقرير الفعل لكان متجها، فيقول العاصي: يغفر الله، فيكون إقرار المخاطب به إقرارا بالفعل، بل في حقيقة الاستفهام أيضا (وهي نحو: أزيدا ضربت أم عمرا؟ ) مقولا (لمن يردد الضرب بينهما من غير أن تعتقد) على صيغة الخطاب دون الغيبة، وإلا لكان لغوا؛ لأنه لازم الترديد بالهمزة، وأم، ولفات شرط اعتقاد المتكلم الحصر أيضا، مع أنه لا بد منه؛ إذ لا يلزم من إنكار المفعولية إنكار الفعل بدونه (تعلقه بغيرهما) وكذا الفاعل أيضا نحو أزيد ضربك أم عمرو؟ وغيرهما نحو: في الليل كان هذا أم في النهار، والمدار على انحصار الفعل في الملابس المنكر سواء كان واحدا، أو متعددا مرددا.

قال في الإيضاح (١): وكذا قوله تعالى: آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ (٢)، إذ من المعلوم أن المعنى على إنكار أن يكون قد كان من الله إذن فيما قالوه، من غير أن يكون هذا الإذن قد كان من غير الله، فأضافوه إلى الله تعالى، إلا أن اللفظ أخرج مخرجه إذا كان الأمر كذلك، ليكون أشد لنفي ذلك وإبطاله، فإنه إذا نفى


(١) الإيضاح ص ٢٨٣.
(٢) يونس: ٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>