للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حرف المضارعة.

قال الرضى: النحاة يسمون الأمر كلما يصح أن يطلب به الفعل من الفاعل المخاطب بحذف حرف المضارعة سواء طلب على وجه الاستعلاء، وهو المسمى بالأمر عند الأصوليين أو لمن يطلب كذلك، فالصواب سماها الصرفيون على طبق ما في المفتاح، وثالثها: أن تسمية المستعمل في غير الأمر أمرا لا يخص النحاة، بل يعم جميع أئمة اللغة، يدل عليه ما سيذكره من كلام المفتاح، ويشعر به قول المصنف: وقد يستعمل بغيره فتأمل (لتبادر الفهم عند سماعها إلى ذلك) وهل التبادر عند سماع المعبر به باللام من الصيغة، أو من اللام؟ فيه تأمل.

قال صاحب المفتاح: واتفاق أئمة اللغة على إضافة نحو: قم، وليقم إلى الأمر بقولهم: صيغة الأمر، ومثال الأمر، ولام الأمر دون أن يقولوا: صيغة الإباحة أو لام الإباحة مثلا يمد ذلك، وإنما جعله ممدا لا دليلا لاحتمال أن تكون الإضافة لنفس التبادر، لا لكونها حقيقية فيه، لكن الظاهر الإضافة إلى الموضوع له، ولم يلتفت إليه المصنف؛ لضعفه عنده، حيث قال في الإيضاح: وفيه نظر لا يخفى على المتأمل، والنظر إما ما ذكرنا، وفيه أنه لا يخرجه عن الإمداد، وإنما يسقط عن درجة كونه دليلا، وأما ما ذكره الشارح من منع كون الإضافة إلى الأمر بمعنى طلب الفعل استعلاء؛ بل بمعنى كلى يصدق على نحو: قم، وليقم.

وإضافة الصيغة من إضافة العام إلى الخاص، وإضافة اللام من إضافة الداخل إلى المدخول بدليل استعمالهم ذلك في مقابلة صيغة الماضي والمضارع، وفيه أيضا ما مر على أن ما رأينا هو استعمال الماضي والمضارع في مقابلة صيغة الأمر (وقد يستعمل لغيره) أي: لغير طلب الفعل استعلاء، لعلاقة بينه وبين معنى الأمر بحسب القرائن، فإن قامت قرينة على منع إرادة معنى الأمر فمجاز، وإلا فكناية، ولا يخفى عليك أن مباحث الأمر كالاستفهام ليس من فن المعاني، وليس منه إلا نكات العدول من الحقيقة إلى التجوز بالأمر، ولا أثر لها فيما ذكره، وذلك الغير إما غير الطلب، وإما الطلب، لا مع الاستعلاء، فإلى الأول أشار بقوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>