للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والندب عند الشارح، ونحن نقول: لما اختلف في رويد ونظائره، فقيل:

موضوعة للفظ الأمر، وقيل: لمدلوله، لكن وضعا ثانيا، واشتهر أن لام الأمر اللام المطلوب بها الفعل، ولم يكن وضع رويد للفظ الأمر ظاهرا؛ إذ المتبادر خلافه. قال: والأظهر (أن صيغته من المعبر به باللام نحو: ليحضر زيد) ونحو قوله تعالى: (فَلْيَفْرَحُوا) (١) على صيغة المخاطب (وغيرها نحو أكرم عمرا ورويد بكرا، موضوعة لطلب الفعل استعلاء) أي: طلب استعلاء، في الصحاح: استعلى الرجل، أي: علا واستعلاه، أي: علاه، فظاهر العبارة اشتراط العلو، كما هو مذهب جمهور المعتزلة، لا طلب العلو، أو عد الطالب نفسه عاليا، كما هو مذهب أبي الحسين، لكنهم قصدوا بالاستعلاء طلب العلو، أو العد عاليا حتى قال الشارح في هذا المقام: سواء كان عاليا في نفسه أو لا، وفسره بكونه على طريق طلب العلو، وعد نفسه عاليا، وكان صيغة الاستعلاء بهذا المعنى من مصنوعات المصنفين.

قال الشارح المحقق: وفي هذا إشارة إلى أن أقسام صيغة الأمر ثلاثة:

الأول: المعبر به باللام، ويختص بالفاعل غير المخاطب، والثاني: ما يصح أن يطلب بها الفعل من الفاعل المخاطب بحذف حرف المضارعة، والثالث: اسم دل على طلب الفعل، وهو عند النحاة من أسماء الأفعال، وإلا ولأن لغلبة استعمالهما في حقيقة الأمر، أعني: طلب الفعل على سبيل الاستعلاء، سماهما النحويون أمرا، سواء استعملا في حقيقة الأمر، أو في غيرها حتى أن لفظ «اغفر» في: اللهم اغفر لي، أمر عندهم، وأما الثالث: فلما كان اسما لم يسموه أمرا تمييزا بين البابين، وفيما ذكره أبحاث أحدها: أن اختصاص المعبر به باللام بالفاعل غير المخاطب منه بسند قوله: (فَلْيَفْرَحُوا) إلا أن يقال: لم يقيد بالشاذ وبصيغ المجهول المخاطب، إلا أن يقال: لعله يدعى أنه أمر الغائب بصرف المخاطب، وفيه أن الظاهر أنه أمر المخاطب بأن يكون بحيث يقع عليه الضرب، فالأولى أن يجعل الجميع تحت قوله نحو: ليحضر زيد، وثانيها: أن النحاة لم يسم المعبر به باللام أمرا؛ بل مضارعا مجزوما، والأمر عندهم ليس إلا ما حذف منه


(١) يونس: ٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>