للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بصبح وما الإصباح منك بأمثل (١)

أنث الخطاب لتأويل الليل بالليلة. أو الليلاة، فإن الثلاثة بمعنى على ما في القاموس، أو بتأويله بالليلة؛ لأن المراد بالجنس الواحدة في الصحاح: ليل وليلة كتمر وتمرة، وجمعه على ليالي بزيادة الياء على خلاف القياس، ونظيره أهل وأهالي، وقيل أصله ليلاة؛ لأن تصغيره لييلة، هذا وحينئذ الإشكال في تذكير الطويل، ولا يبعد أن يقال: الياء رد لما هو أصل؛ إذ الضرورة ترد الكلمة إلى أصلها، ولا يصح أن يكون إشباع الكثرة كياء أميل؛ لأنه لا تكتب الياء الحاصلة من الإشباع، وإنما حمل على التمني لامتناع حقيقة الأمر؛ لأن الانجلاء ليس مقدورا له، ولا يبعد أن يجعل من ظرافة الشعراء بجعل الليل بمنزلة إنسان متعصب يجري على البخل بالنفع للشاعر، فلا ينجلي لاعتقاده أن الانجلاء أنفع له، فيقول له: انجلى بصبح، فإنك أخطأت، وليس الإصباح، أي: الصبح منك بأمثل، أي: أفضل فلا يتجاوز عادتك لاعتقادك الخطأ، ووجه عدم فضل الصباح، أنه لا تفاوت في شدة همومه بين الظلم والمضيء، أو أن عينه يرى النهار كالليل مظلما؛ لازدحام الهموم والاشارة إلى القسم الثاني من غير الموضوع له.

إما من التمني إن كان الطلب المعتبر في هموم الأمر أعم من التمني، ويكون المميز قيد الاستعلاء، وأما من الدعاء إن كان الطلب مقيدا بما يستدعي الإمكان، واختار الشارح الثاني، ولا يتم إلا بدعوى أن المتبادر منه هذا الطلب. قال الشارح: إنما حمل على التمني دون الترجي؛ لأن الشاعر لاستطالته تلك الليلة لا طماعة له في الانجلاء، ولك أن تقول: لشدة همومه واضطرابه سمى انجلاء في إتيانه، وذلك الانجلاء يستحيل.

(والدعاء: نحو: رب اغفر لي) فإنه طلب للفعل على سبيل التضرع.

(والالتماس: كقولك لمن يساويك رتبة) لا حاجة إلى هذا القيد، وكأنه أراد مثالا متفقا عليه (افعل بدون الاستعلاء) إذ مع الاستعلاء أمر، ولا بد


(١) البيت لامرئ القيس في ديوانه ص ١١٧، وجاء شطره في التلخيص ص ٤٤، والإيضاح ص ١٤٦، وأورده محمد بن علي الجرجاني في الإشارات ص ١١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>