من قيد آخر يميزه عن الدعاء هذا. قال الشارح: وقد تفارق الالتماس فيما يكون مع نوع من التضرع لا إلى حد الدعاء. قلت: فينبغي أن يقيد تعريف الدعاء بمزيد التضرع.
(ثم الأمر، قال السكاكي (١): حقه الفور) جمع السكاكي الأمر والنهي في هذا الحكم (لأنه الظاهر من الطلب) فيكون كذلك الدعاء والالتماس، فالتعليل لإثبات الدعوى، وتعميمه عبارة السكاكي؛ لأنه الأظهر غيره إلى الظاهر ليكون نظيره خاليا عن شائبة تسليم الظهور، ونبه السكاكي على ذلك الظهور بالنظر في حال أخويهما الاستفهام والنداء، فإنه لا رتبة في الفور فيهما، ومما يوضح كونه للفور أن الطالب لا يرضى بفوت المط إلا لضرورة، وأن الانتظار مهروب عنه (ولتبادر الفهم عند الأمر بشىء بعد الأمر بخلافه إلى تغيير الأمر الأول دون الجمع وإرادة التراخي) وهذا على إطلاقه، لا يصح لأنه إذا كان بالعطف يتبادر الفهم إلى الجمع والتراخي، كأن يقال: قم واقعد، أوثم اقعد أو فاقعد، ويحتمل أن يكون داخلا في قوله (وفيه نظر) أي: في قوله: حقه الفور، والنظر فيه راجع إلى النظر في دليله، أو في كل من دليله نظر لكون الظهور من الطلب بلا قرينة ممنوعا، وكذا التبادر بلا قرينة، بل الحال متفاوتة بالنسبة إلى المقامات، وللسكاكي دليل آخر لم يذكره، وكان حقه أن يذكر ليتم نظره، وهو استحسان العقلاء تأديب الخادم إذا أخر الامتثال، ولك أن تقول: ولاعتذار العقلاء عند تأخير الامتثال.
(ومنها) أي: من أنواع الطلب (النهي) وهو طلب الكف عن الفعل استعلاء، ولعلك تتفطن بما يتعلق به توجها ودفعا إن كان الأمر بيدك (وله حرف واحد في) الأخصر (وله لا الجازمة وحدها) والأولى (فهو) صيغة واحدة (نحو قولك: لا تفعل) ليعلم أن ليس له صيغة أخرى كما أنه ليس له حرف آخر ولعله احترز بتقييد الجزم بقوله: في نحو قولك: لا تفعل، عن المذكر، وصيغة جمعي المؤنث، فإنها لا تجزم فيهن، لكونها مبنيات، ونبه بتقديم الظرف في قوله: