للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإيهام، وسيأتي نظيره لكن لا يغني عن الشرائط في مقام لا مجال فيه للإيهام؛ لوضوح الأمر من غير شائبة الإيهام، ونحن لم نفصل كل معاني ما سوى الواو مع أن العطف لا يتأتى لا بعد معرفتها؛ لأن المتكفل لها علم آخر، وقد فصلناها لك قبل أن تأتي هذا المقام في شرح الكافية بما لا مزيد عليه. (وإلا) أي: وإن لم يقصد ربط الثانية بالأولى على معنى عاطف سوى الواو (فإن كان للأولى حكم لم يقصد إعطاؤه للثانية) من تقييد بحال أو ظرف أو غير ذلك (فالفصل) (١) متعين، كذا في الإيضاح، لا يقال الملازمة ممنوعة؛ لأنه قال السكاكي: إن هذا القطع يأتي إما على وجه الاحتياط، وذلك إذا كان يوجد قبل الكلام السابق كلام غير مشتمل على مانع من العطف عليه، لكن المقام مقام احتياط فيقطع لذلك.

وإما على وجه الوجوب، وذلك إذا كان لا يوجد؛ لأنا نقول المراد فإن كان للأولى حكم لم يقصد إعطاؤها للثانية، ولم يسبق على الأولى ما يصح العطف عليه بقرينة أنه تأتي بيان هذا القسم، وهو الذي جعلته كالمنقطعة، وسمي الفصل له قطعا (نحو وَإِذا خَلَوْا) (٢) الآية (لم يعطف اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ على «قالوا» لئلا يشاركه في الاختصاص) أي: في اختصاصه باعتبار حكم المتكلم لا باعتبار مضمونه (بالظرف لما مر) (٣) من أن المفعول ونحوه مقيدات للحكم، فلا يرد أنا لا نسلم وجوب المشاركة في الاختصاص بالظرف؛ لما مر من أن التقديم يفيد التخصيص؛ لأنا نسلم أن تقديم الشرط يفيد التخصيص، وإنما يفيده ظرف لم يتضمن ما يوجب صدر الكلام؛ لأنك عرفت أن المراد اختصاص الحكم لا مضمون الجملة، والقيد يخص حكم المتكلم لا محالة، وعرفت أن ما مر ليس معناه كون التقديم للتخصيص، بل كون الظرف للتقييد فإن قلت: عبارة


(١) أي بلاغة لا نحوا: لأن العطف يقتضي التشريك في حكم الإعراب لا في القيود، فإذا قيل «ضربت زيدا يوم الجمعة وعشرا» لا يلزم أن يكون ضرب عمرو يوم الجمعة أيضا، ولكن ذلك هو الظاهر من العطف وإن لم يقتضه، فلهذا تعين بلاغة فيما هنا دفعا لإرادة ذلك الظاهر.
(٢) البقرة: ١٤.
(٣) لأن هذا هو ظاهر العطف وإن لم يقتضه كما سبق، والمراد باختصاصه بالظرف أنه قيد فيه يكون شرطا له، والشرط قيد في الجواب كما هو معلوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>