للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فلكون الثانية مؤكدة للأولى) موافقة اللفظ والمعنى نحو: زيد قائم زيد قائم وقعد زيد قعد زيد، وكأنه لظهوره لم يتعرضوا له أو مخالفة اللفظ متقاربة المعنى جدّا، فهو بمنزلة التأكيد بالتكرير أو مخالفة المعنى مقررة للأولى فهو بمنزلة التأكيد المعنوي كما سنفصلها، وكلاهما (لدفع توهم تجوز أو غلط) كالتأكيد (نحو) لا رَيْبَ فِيهِ (١) بالنسبة إلى ذلك الكتاب على تقدير كونهما جملتين لا محل لهما من الإعراب، وهو المختار كما بين في محله (فإنه لما بولغ في وصفه ببلوغه) متعلق بوصفه (الدرجة القصوى في الكمال بجعل) متعلق ببولغ (المبتدأ ذلك) المشعر بكمال العناية تمييزه وبعد درجته لعظمته عن الإفهام (وتعريف الخبر باللام) الدال على حصر الكتاب فيه، وهو يقتضي جعل غيره من الكتب لنقصانه بالنسبة إليه كأنه ليس كتابا. والشيخ لم يجعل ذلك مبتدأ، بل جعله في تقدير هو ذلك الكتاب وجعله تعالى: لا ريب فيه بمنزلة هو ذلك الكتاب هو ذلك الكتاب على ما في دلائل الإعجاز، وكأنه تحاشى عن تنزيل كتب الله منزلة العدم؛ لما فيه من سوء الأدب وجعل لا رَيْبَ فِيهِ بمنزلة التأكيد اللفظي؛ لأن دعوى عدم الريب في كمال الهداية بمنزلة دعوى الهداية يقينا.

(جار) جواب لما (أن يتوهم السامع قبل التأمل) في كمالات الكتاب (أنه مما يرمي به) أي: مما يتفوه به (جزافا) هي مثلثة بمعنى ما يقال بلا تأمل، ولا يخفى أنه كناية عن كونه غلطا؛ لأن القول بلا تأمل في عرضة الغلط دون التجوز، وجعله بمنزلة جاءني زيد نفسه يستدعي أن لا يدفع به الغلط على ما ذهب إليه الشارح المحقق والسيد السند، لكن خالفناهما وشيدنا صحة دفع الغلط به في بحث التأكيد، وأيضا الكلام المؤكد به مجاز عن الكمال حقيقة في نفي غيره من الكتاب، والتأكيد المعنوي يدفع التجوز؛ فلا يصح اتباعه المجاز؛ لئلا يوجب كونه حقيقة على خلاف المقصود، ودفع الجزاف إنما يتحقق لو أريد بلا ريب فيه نفي الريب في الكمال، أما لو أريد نفي الريب في كونه من عند الله كما هو المشهور المتبادر فلا يندفع به الجزاف؛ لأن غيره من الكتب يشاركه في ذلك النفي (فأتبعه) أي: ذلك الكتاب (إياه) أي: لا ريب فيه (نفيا لذلك) التوهم


(١) البقرة: ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>