للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فوازنه) أي: عديله من وازنه بمعنى عادله، يقال: هو وزنه وزنته ووزانه كذا في القاموس، فعلم أن (وزان نفسه في: جاء زيد نفسه) يريد فيه لفظ الوزان؛ إذ يقال: هو وزانه، لا وزانه وزانه على ما عرفت، ولا يصلحه قول الشارح في المختصر: أي وزان: لا ريب فيه مع ذلك الكتاب وزان نفسه مع زيد، فلا يكون الوزان زائدا كما توهم؛ إذ لا يوازن لا ريب فيه بمتبوعه، بل بما يعرف به حاله من نظيره الواضح الحال.

(ونحو هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) «١» عطف على قوله نحو لا ريب فيه وإشارة إلى جملة مؤكدة متقاربة المعنى لسابقتها منزلة منزلة التكرير (فإن معناه أنه) أي:

الكتاب (في الهداية) متعلق بما بعده (بالغ درجة لا يدرك كنهها) أي: نهايتها (حتى كأنه هداية محضة) الأولى حتى إنه هداية محضة إذ في حمل الشيء على الشيء في مقام المبالغة دعوى الاتحاد من غير شائبة تردد، والأولى هداية عظيمة محضة؛ لأن تنوين هدى للتعظيم، فالمبالغة في جعل الهدى المنون خبرا له، وليس معنى البلوغ تلك الدرجة معنى التنوين، وكونه الهداية المحضة معنى التعبير، كما يستفاد من الشرح؛ لأن التنوين لا يفيد تعظيم الهادي، بل الهداية فالبلوغ المبالغ فيه بتمامه مستند إلى حمل الهدى المنون عليه وجعله عين الهدى المعظم (وهذا معنى ذلِكَ الْكِتابُ «٢» لأن معناه كما مر الكتاب الكامل والمراد بكماله كماله في الهداية لأن الكتب السماوية بحسبها) أي: بقدرها أو بسببها (يتفاوت في درجات الكمال) لا بحسب غيرها فتقدم الجار والمجرور للحصر مبالغة في الاعتماد بشأن هذا التفاوت فلا يرد منع الحصر بسند أنه قد يتفاوت بجزالة النظم وبلاغته كالقرآن فإنه فاق الكتب بإعجازه.

والشارح دفع المنع بأن هذا التفاوت أيضا داخل في الهداية؛ لأنه إرشاد إلى التصديق، ودليل عليه وإنما يندفع به لو كان السند مساويا، ولك أن تجعل:

هدى للمتقين في تقدير: فيه هدى للمتقين مريدا به حصر الهداية بكونها فيه فيكون كذلك الكتاب في حصر الهداية وتكون المماثلة أتم، وبالتأكيد اللفظي أقرب (فوازنه وزان زيد الثاني في: جاءني زيد زيد) الأولى فوزانه وزان زيد


(١ و ٢) البقرة: ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>