قائم الثاني في زيد قائم زيد قائم إلا أنه أراد رعاية المناسبة بين وزاني قسمي الجملة المؤكدة، قال السيد السند: إذا كان كل ما مر «لا ريب فيه» و «هدى للمتقين» تأكيدا لذلك الكتاب فلا يظهر وجه لفصل هدى للمتقين من لا ريب فيه؛ إذ الممتنع عطف المؤكد على المؤكد، لا عطف تأكيد على تأكيد بل العطف فيه أنسب.
وكأنه لهذا لم يلتفت الزمخشري إلى هذا الاحتمال الذي اختاره «المفتاح» والمصنف، وجعل «لا ريب فيه» تأكيد ذلك الكتاب، و «هدى للمتقين» تأكيد «لا ريب فيه»، وحينئذ فصل الجملة متّجه بلا إشكال.
هذا ونقول والله المستعان: ويا للكبوة من أشجع الفرسان فيما هو المستوى عن الميدان، ولولا فضل الله فالإنسان هو الإنسان إنما عدل «المفتاح» عن توجيه الزمخشري؛ لأنه لا يوجد لتأكيد التأكيد نظير في المفردات عند الجمهور؛ فإنهم نصوا على أن التأكيدات المجتمعة كلها للمؤكد كالصفات المتتالية بموصوف، نعم ابن برهان على أن التأكيد بعد التأكيد تأكيد للتأكيد، وهي المقيس عليه للجمل وكأن الزمخشري تبع مذهب ابن برهان، وكما لا يعطف المؤكد على المؤكد لا يعطف تأكيد على تأكيد، فلا يقال: جاءني قوم كلهم، وأجمعون على أنه يكفي في فصل التأكيد عن التأكيد إيهام العطف على المؤكد هذا، ولكن زيد في أسباب الفصل ما غفلوا عنه، وهو كون الجملتين المتواليتين تأكيدين لشيء فاحفظه وانظمه مع ما ذكروا (أو بدلا منه) عطف على قوله: مؤكدة للأولى، أي:
القسم الثاني من كمال الاتصال بأن تكون الجملة الثانية بدلا من الأولى أبدلت من الأولى؛ (لأنها غير وافية بتمام المراد)، إن وفت ببعض منه بخلاف الثانية فإنها وافية به (أو) لكون الثانية (كغير الوافية) بتمام المراد؛ لكونه مجملا أو خفيّ الدلالة، (بخلاف الثانية) فإنها وافية، لا تشبه غير الوافية، لكونها مفصلة أو واضحة الدلالة. هكذا ينبغي أن يفهم المراد، لا كما ذكره الشارح من أن البدل مطلقا يجب أن يكون وافيا لا يشبه غير الوافي؛ إذ واف يشبه غير الوافي يصلح لجعله بدلا مما لا نفي.
(والمقام يقتضي اعتناء بشأنه) أي: بشأن تمام المراد وجعل الضمير راجعا