للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالمطابقة، وإلا فمعنى: «لا يقيمن»، النهي عن الإقامة، وهو ليس عين الكراهة.

ومما يوضح الكراهة قوله: «عندنا»، فإنه يدل على أنه لا يرضى بالمقارنة والمصاحبة ويستهجن رؤيته.

وقال الشارح: تعارف هذا اللفظ في الكراهة الشديدة للكراهة من غير طلب الكفّ عن الإقامة مع التأكيد (مع التأكيد) الظاهر جدّا في الكراهة الشديدة (فوزانه وزان حسنها في: أعجبنا الدار حسنها؛ لأن عدم الإقامة مغاير للارتحال) فلا يكون تأكيدا ولا بيانا (وغير داخل فيه مع ما بينهما من الملابسة) والملازمة، ووجه كونه مثالا لجمل لا محل لها من الإعراب قد عرف.

(أو بيانا) أي: القسم الثالث من كمال الاتصال بأن تكون الجملة الثانية بيانا (لها) للأولى فينزل منزلة عطف البيان من متبوعه في إفادة الإيضاح فلا يعطف عليها، كما لا يعطف موضع الشيء عليه فإما أن يذكر في كلمة بعد كلمة أي أو بدونها وبعد أن جعل المفتاح، أي المفسرة من الحروف العاطفة لا يصح منه جعل كون الثانية بيانا للأولى من موجبات الفصل (لخفائها) يعني يتوقف البيان على كون الأولى خفيا، وفيه بحث لأنه ربما يطلب به مزيد الإيضاح دون إزالة الخفاء (نحو: فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى (١) وتشبه أن يكون الآية من بدل البعض؛ لأن وسوسة الشيطان كان أكثر مما ذكر، فما ذكره بعض مما قبله (فإن وزانه وزان عمر في:

أقسم بالله أبو حفص عمر) (٢) الملايم لما سبق، فوزانه وكون الجملة الثانية بيانا للأولى أعم من أن يكون بتمامها بيانا لتمام الأولى، أو تكون بتمامها بيانا لجزء الأولى أو تكون جزءا منها بيانا لجزء الأولى، فإن قوله (قال يا آدم) بيان (لوسوس إليه) ولا خفاء في الشيطان ولا مدخل لتقييد الوسوسة به في البيان، وما قال الشارح المحقق من أنه لو لم يقيد قوله: قال بالشيطان لم يصلح تفسيرا لقوله:


(١) طه: ١٢٠.
(٢) انظر البيت في الإيضاح: ١٥٤، وشرح المرشدي على عقود الجمان ١/ ١٧٩، والبيت غير منسوب لأعرابي مجهول، وبعده:
ما مسها من نقب ولا دبر ... اغفر له اللهم إذ كان فجر

<<  <  ج: ص:  >  >>