للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أعجبني زيد وجهه؛ لدخول الثاني في الأول) كما لا يخفى لأن الأول يشمل على ما لا يحصى.

وللآية احتمال آخر في غاية الدقة والحسن، وهو أن (ما) في قوله (ما تعلمون) مصدرية، أي: أمدكم بعلمكم وتمييزكم من بين الحيوانات الشهوية بأنكم من ذوي العلم، أمدكم بأنعام. الآية، نبّه على الإمداد في العالم الروحاني، وعلى الإمداد في العالم الجسماني.

ولما كان بين الإمدادين من التباين والتفاوت فصل الجملتين تنزيلا للتباين منزلة عدم التناسب، ولو جعل ما موصولة فالأشبه أنه من ذكر الخاص بعد العام؛ لصرفه في نظر المخاطبين المعاندين لكمال شغفهم بها.

والشايع فيه عطف الخاص على العام، ولما أعاد العامل استغنى به عن العاطف فهذه من جهات الفصل جريت بأن يجعلها نصب العين، وإن أهملوه من البين وما ينزل منزلة بدل الاشتمال ما أشار بقوله (نحو:

أقول له ارحل لا تقيمنّ عندنا: وإلا)

أي: وإن لم ترحل.

(فكن في السّرّ والجهر مسلما) (١)

أي: منقادا، والإسلام الانقياد. وفي الشرح أي: كن كالمسلم في استواء حالته في الدين، على خلاف المنافق المتدين في الملاء غير المتدين في الخلاء (فإن المراد) أي: المقصود (به) والغرض من استعماله فالمراد بمعنى الغرض لا ما استعمل فيه اللفظ (كمال إظهار الكراهة) أي: كمال إظهار كمال الكراهة (لإقامته) أي: إقامة المخاطب (وقوله: لا تقيمن عندنا أوفى بتأديته) أي:

تأدية الغرض من الاستعمال؛ (لدلالته عليه) أي: على الكراهة وتذكير الضمير لعدم الاعتداد بتأنيث المصدر، وبما قررنا لم يلزم كون إظهار الكراهة ما استعمل فيه اللفظ مع ظهور بطلانه، كما لزم على من جعل ضمير عليه لكمال إظهار الكراهة (بالمطابقة) أي: بالدلالة الواضحة التي صارت في الوضوح


(١) البيت بلا نسبة في خزانة الأدب ٥/ ٢٠٧، ٨/ ٤٦٣، مجالس ثعلب: ٩٦، معاهد التنصيص ١/ ٢٧٨، مغني اللبيب ٢/ ٤٢٦، شرح المرشدي على عقود الجمان: ١/ ١٧٨، الإيضاح: ١٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>