للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكل، مع أن المصنف صرح بأنه من بدل الاشتمال، وجعل السيد المثال الأول أيضا منه، لكنه قال الشارح في الشرح اقتداء بالإيضاح: ولم يعتبر بدل الكل؛ لأنه لا يتميز عن التأكيد إلا بأن لفظه غير لفظ متبوعه، وأنه المقصود بالنسبة دونه بخلاف التأكيد، وهذا المعنى مما لا تحقق له في الجملة التي لا محل لها من الإعراب، وأيده السيد السند بأن الجملة التي تعتبر مؤكدة وإن ناسبت التأكيد لفوت القصد بالنسبة مع أن استيناف القصد الذي في الجمل بمنزلة القصد بالنسبة يتحقق فيها ناسبت بدل الكل أيضا بالمغايرة في اللفظ والاتحاد في المعنى لم يجعل بدل الكل؛ لأن العمدة في البدل هو الكون مقصودا بالنسبة وقد فاتت.

أقول: فيما ذكره الشارح نظر من وجوه: أحدها: أنه لا ينحصر الامتياز عن التأكيد فيما ذكره، بل منه الامتياز بأن البدل في حكم تكرير العامل نعم إنه أيضا منتف في جمل لا محل لها من الإعراب.

وثانيها: أنه لا يتميز عن مطلق التأكيد بأن لفظهما يغاير الجملة الأولى؛ إذ من التأكيد ما يغاير لفظه لفظ المؤكد، وهو التأكيد المعنوي، وربما ينزل الجملة منزلة التأكيد المعنوي كما عرفت.

وثالثها: أن ما ذكره جاز في البيان؛ إذ البيان لا يتميز عن التأكيد إلا بأن لفظه غير لفظ الأول؛ فينبغي أن لا يعتبر، ولا يخفى أن إسقاط بدل الكل عن الاعتبار لإغناء البيان عنه أولى بالاعتبار؛ إذ التباس البيان بالبدل مشتهر. وقد تصدى النحاة بنصب علامة للتمييز بينهما دون البدل والتأكيد، فالتمسك في عدم اعتباره بعدم تمييزه عن التأكيد دون البيان ينبيء عن الغفلة (نحو:

أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ) (١) مثال للمنزل منزلة بدل البعض كما نبه عليه (فإن المراد التنبيه على نعم الله تعالى، والثاني أوفى بتأديته)؛ لأن الأولى وإن كانت أشمل، لكن الثانية أوفى في ذلك البعض؛ (لدلالته عليها بالتفصيل من غير إحالة على علم المخاطبين المعاندين).

الأولى ترك المعاندين؛ لأن الأظهر أن التنبيه ليس مخصوصا بهم، بل يشمل المعترفين ليزيدوا في الشكر ويتمكنوا من الاعتراف (فوزانه وزان وجهه في:


(١) الشعراء: ١٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>