فلذا قال السيد السند: فالواجب أن يكون السؤال المقدر هل هو حقيق بالإحسان؟ ؛ لأنه إذا أخبر بإحسانه اتجه السؤال عن أنه هل وقع موقعه أو لا؟ ، وحينئذ يجب التأكيد فقيل: صديقك القديم حقيق بالإحسان مؤكد بتعليل الحكم بالصفة، هذا لكنه لا يجرى في زيد حقيق بالإحسان فلا بد فيه من تنزيل السائل منزلة غيره لما يقتضيه المقام.
ويرد عليه أيضا أنه أعلم بأنه صديقه القديم فيكون أعلم بأنه حقيق فلا بد من البناء على النسيان أو الامتحان، ولك أن تجعل أحسنت على صيغة التكلم فيكون السؤال من المخاطب الغير المحسن فيتجه بلا خفاء (إلى زيد، زيد حقيق بالإحسان، ومنه ما يبنى على صفته) عدل عن عبارة الكشاف، ومنه ما يأتي بإعادة صفته؛ لأن المراد بالإعادة في عبارته ذكر صفته عبر عنه بالإعادة بطريق المشاكلة لوقوعه في صحته إعادة اسمية فاحترز عن خفاء البيان، لكنه جعل البيان قاصرا؛ لأن البناء لا يشمل تأخير المسند إليه بظاهره فيخرج عنه: أحسنت إلى زيد يستحق صديقك القديم الإحسان (نحو: أحسنت إلى زيد صديقك القديم هل لذلك، وهذا) أي: الاستيناف المبني على الصفة (أبلغ) لاشتماله على بيان سبب الحكم الذي في الجواب، وفرق بين بيان سبب الحكم الذي في الجواب، وبيان سبب الحكم المتضمن للسؤال، فإن قولنا: زيد حقيق بالإحسان بيان لسبب الإحسان إلى زيد مع أنه لا يشتمل على سبب استحقاقه للإحسان، وبهذا ظهر ضعف ما قال الشارح أنه إن كان السؤال في الاستيناف عن السبب فالجواب لا محالة يشتمل على بيانه فلا يترجح جواب على جواب بالاشتمال عليه إذ الكل يشتمل عليه، وإن كان عن غيره فلا معنى لاشتماله على بيان السبب، وقد أجاب بأنه إذا أثبت لشيء حكم، ثم قدّر سؤال عن سببه، وأريد أن يجاب بأن سبب ذلك أنه مستحق لهذا الحكم وأهل له، فهذا الجواب يكون تارة بإعادة اسم ذلك الشيء فيفيد أن سبب الحكم كونه حقيقيا به، وتارة بإعادة صفته فيفيد أن سبب استحقاقه لهذا الحكم هو هذا الوصف، وليس يجري هذا في سائر صور الاستيناف فليتأمل.
هذا كلامه ولا يخفى أن جوابه يخص القسمين بالسؤال عن السبب مع أنهما