زعمهم مركبا سأل أنهم هل صدقوا؟ فأجاب بأنهم صدقوا في البعض، وكذبوا في البعض؛ فقوله: صدقوا إشارة إلى صدقهم في كونه في الغمرة. وقوله:[ولكن غمرتي لا تنجلي]، إشارة إلى كذبهم في اعتقاد الانجلاء.
هكذا ينبغي أن تحقق المقام وهذا شأن من ليس في ربقة التقليد في غاية الاستحكام.
(وأيضا) نبه به على أنه تقسيم مستأنف، وليس من دواخل التقسيم السابق، ونبه بقوله (منه) على أنه لم يتصد فيه لحصر الأقسام؛ إذ منه ما يأتي بصفته التي لا يترتب عليه الحكم، ومنه ما يأتي باسمه مع الوصف الذي يترتب عليه الحكم لا تقول الأول داخل فيما يبنى على صفته، والثاني فيما يأتي بإعادة الاسم؛ لأن المراد بالوصف ما يترتب عليه الحكم، وبالاسم مجرد الاسم بقرينة قوله: وهذا أبلغ منه، ولم يستوف الأقسام؛ لأن بعض ما بقي ملحق بالأول والبعض ملحق بالثاني في الأحكام إلحاقا بينا لا يخفى على ذوي الأفهام.
(ما يأتي بإعادة اسم) المراد بالاسم ما يقابل الصفة، أي: لفظ دال على ذات في غاية الإبهام باعتبار معنى هو المقصود (ما استؤنف) أي: ابتدأ (عنه) وكأن «عن» بمعنى «من»، والمراد بمفعوله الذي بلا واسطة هنا الكلام حذف على ما قاله الشارح لظهور المرام، والمفعول بواسطة نائب عن الفاعل، وليس التقدير أوقع الاستيناف عنه فيكون من قبيل حبل بين العير والنزوان كما يوهمه كلام الشارح؛ لأنه لا داعي إليه، بل نقول مفعوله الأول ضمير مستتر راجع إلى ما رجع إليه ضمير منه، أي: ما استؤنف الاستيناف منه، إذ مفعوله الأول يكون الحديث، والاستيناف حديث (نحو: أحسنت) على صيغة الخطاب على ما ذكره الشارح المحقق.
ومع ذلك جعل السؤال المقدر لماذا أحسن إليه إما على صيغة المتكلم أو الماضي المجهول فيكون المخاطب سائلا عن سبب إحسانه مع أنه أعلم بسبب ما فعله فيحتاج توجيه سؤاله إلى أن يجعل مبنيا على النسيان أو امتحان المخبر هل يعرف السبب أو لا؟ ، وهو بعيد وليس لك أن تقدر السؤال من قبيل السامع دون المخاطب لأنه يأباه قوله: صديقك، وكان الواجب حينئذ صديقه القديم؛