للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقتضي التأكيد، وكان ينبغي أن يأتي بمثال يقتضي التأكيد، وستعرف حقيقة الحال في المثال الثاني (نحو قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ (١) أي: فإذا قال إبراهيم) فأجاب بأنه حياهم بتحية أحسن من تحيتهم عارية عن الثبات والدوام لفعليتها وتحيته دالة عليه لاسميتها.

(وقوله: [زعم) أكثر استعماله في الاعتقاد الباطل، وقد يستعمل في الحق على ما في القاموس (العواذل) أي: الجماعات العواذل، أما الرجال كما هو ظاهر صدقوا أو الرجال والنساء فصدقوا تغليب (أنّني في غمرة) أي: شدة (صدقوا) فالزعم استعمل في الاعتقاد الحق. قال الشارح: ولما كان هذا مظنة أن يتوهم أن غمرته مما ستتكشف كما هو شأن أكثر الغمرات والشدايد استدركه بقوله: (ولكن غمرتي لا تنجلى)] (٢).

ففصل قوله: صدقوا عما قبله لكونه استينافا جوابا للسؤال عن غير السبب، كأنه قيل: أصدقوا في هذا الزعم أم كذبوا؟ فقيل: صدقوا.

هذا وهكذا في «المفتاح» «فح» وجه عدم التأكيد أن السؤال عن التصور، والتصور لا يطلب التأكيد.

ونازع السيد السند في كون الهمزة وأم سؤالا عن التصور، فكان مقتضى الظاهر التأكيد، وقد حققنا أنه طالب التصور فتذكر، لكن نقول: إذا دار الكلام بين النفي والإثبات لا معنى للسؤال بالهمزة وأم؛ إذ لا معنى لإظهار حصول التصديق بأحدهما؛ لأنه مفروغ عنه يعرفه كل أحد، ألا ترى أنه لا يقال: أزيد قام أم لم يقم؟ والمتعارف في مثله السؤال عن جانب يهتم به، فيقال: أصدقوا؟ وحينئذ يجب التأكيد للمتردد فيه، ويكون ترك التأكيد؛ لأن ظهور حاله يدفع التردد والشك.

والأوجه أن المراد زعم العواذل أنني في غمرة ينكشف؛ لأن العزل يدفع الغمرة فلولا زعم الانكشاف لم يتحقق، فالزعم حينئذ في معناه المشهور، ولما كان


(١) هود: ٦٩.
(٢) البيت أورده القزويني في الإيضاح، محمد بن علي الجرجاني في الإشارات: ١٢٥ بلا عزو، والطيبي في التبيان: ١٤٢، شرح المرشدي على عقود الجمان: ١٨٢، وهو غير منسوب. الغمرة: الشدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>