للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقويته بمؤكد؛ فعلم أن المراد بالاقتضاء هنا الاستحسان لا الوجوب.

هذا والنكتة في التعبير بالاقتضاء أن المستحسن في باب البلاغة كالواجب، ولا يتأتى للبليغ تركه.

ونحن نقول معنى قوله كما مر أنه إن كان سؤال السائل مع الشك حسن المؤكد، وإن كان مع الإنكار وجب التوكيد بحسنه إلا أن يجري الكلام على خلاف مقتضى الظاهر، والظاهر أن المثال للمنكر إنكارين حيث أكد الكلام باللام وإن، وكأن أحد الإنكارين إنكار أمر بعض النفوس بالسوء، والآخر كون البعض كثير الأمر به.

وهذا كله على طبق ما تقرر فيما بينهم أن المقدر هل النفس أمارة بالسوء، والحق أن الناشيء من السابق ليس إلا أنه ما سبب عدم تبريئك إما أن السبب أنها أمارة أو أنها منقادة لمن يأمر بالسوء وأنك تخاف من المخالفين تكذيبك ما لا يخطر بالبال، فتقدير هل النفس أمارة بالسوء تكلف، والأظهر تقدير ما سبب عدم تبريئك، إلا أنه أكد الجواب؛ لأنه في معرض الإنكار على ما بين، فالكلام مع خالي الذهن المنزل منزلة المنكر إنكارين، وفي الشرح فإن قلت: اعبد ربك إن العبادة حق له، فهو جواب للسؤال عن سبب خاص، أي: هل العبادة حق له؟ ، وإذا قلت: فالعبادة حق له فهو بيان ظاهر لمطلق السبب، ووصل ظاهر لحرف موضوع للوصل.

وإذا قلت: العبادة حق له، فهو وصل خفيّ تقديري والاستيناف جواب لسؤال عن مطلق السبب، أي: لم يأمرنا بالعبادة له؟ وهذا أبلغ الوصفين وأقواهما فتتفاوت هذه الثلاثة بحسب تفاوت المقامات، وكأن مراده بوصل ظاهر بحرف موضوع للوصل ربط ظاهر لا الوصل الذي نحن فيه؛ لأن الفاء في قوله فالعبادة حق له للتعليل لا عاطفة، ولا يخفى أن الأول أيضا وصل خفي تقديري لا تفاوت بينه وبين الثالث في ذلك.

(وأما عن غيرهما) إما مطلقا فلا يقتضي تأكيدا، وإما عن غير خاص فيقتضي التأكيد على ما مر، وكأنه اكتفى بانسياق الذهن من تقسيم السبب إليه، ومع ذلك أشار إلى القسمين بالمثالين، إلا أنه أورد من الخاص مثالا لا

<<  <  ج: ص:  >  >>