وقال السيد السند: قيل: لأنه قبيح، وقيل: غير جائز، وثانيا بأن:
تؤمنون بيان لما قبله بطريق الاستيناف كأنهم قالوا كيف نفعل؟ فقيل:
تُؤْمِنُونَ أي: آمنوا، فلا يصح عطف بَشِّرِ عليه؛ لأنه لا مدخل له في البيان، وفيه بحث لا نأمن أن المخاطب بالأول المؤمنون خاصة بل النبي والأمة، وللنبي أيضا يجب الإيمان برسالة نفسه على أنه يجوز أن يكون المراد برسوله كل من رسله؛ فتكون التجارة العامة الإيمان، والخاصة بالرسول التبشير، وأن النداء لا يصلح العطف مع تعدد المخاطب إلا برفع الالتباس، والالتباس في الآية مرتفع بتعين الرسول للتبشير فكأنه قيل: بشّر يا محمد، وكفى شاهدا على جوازه عدم تحاشي العلامة عنه ونعم مؤيدا أنهم لم يجعلوا من جهات الفصل امتياز كل فعل عن الآخر بمخاطب مع انتفاء النداء وجعل «المفتاح» بشّر عطفا على: قل محذوفا قبل: يا أيها الذين آمنوا، وحذف القيل سيما في القرآن في غاية الكثرة، وجعل المصنف تقديرا «بشّر» أقرب مما اعتبره، ولما لم يكن رجحان ما ذكره على ما اعتبره السكاكي سوى الشارح بينهما.
(والجامع بينهما يجب أن يكون باعتبار المسند إليهما) في الجملتين (والمسندين) كذلك (جميعا (١) نحو: يشعر) كينصر (زيد ويكتب) للمناسبة الظاهرة بين الشعر والكتابة وتقارنهما في خيال أصحابهما (ويعطي ويمنع) لتضاد الإعطاء والمنع وإنما اعتبر الجامع بين الجملتين باعتبارهما دون الجامع بين المسندين والمسند إليهما؛ لأنه ربما يتحدان: المسندان أو المسند إليهما، وفي اعتبار الجامع بينهما مزيد تكلف وفيه رد وتخطئة لما يفهم من كلام السكاكي؛ حين قال: الجامع العقلي بين الجملتين أن يكون بينهما اتحاد في تصور مثل الاتحاد في المخبر عنه أو الخبر أو في قيد من قيودهما فإنه يفهم منه كفاية الجامع من متصور واحد، فرده المصنف لما فهم من غير هذا الموضع من كلامه أنه لا يكفي الاتحاد في المسند حيث لم يجوز خفى ضيق وخاتمي ضيق مع اتحاد المسند، والجامع يتفاوت بحسب
(١) ظاهر هذا أنه لا يجب أن يكون باعتبار متعلقاتها، وقيل: إنه يعتبر ذلك فيهما أيضا. والحق أنه لا يعتبر فيهما إلا إذا كانت المتعلقات مقصودة بالذات من الجملتين.