(والبناء على أمر عرفي)(١) أن يتعارف بين أهل العرف في أداء المقاصد من غير رعاية بلاغة ومزية (وهو متعارف الأوساط) الذين يكتفون بأداء أصل المعاني على ما ينبغي (أي: كلامهم في مجرى عرفهم في تأدية المعاني) وربما يشتمل متعارفهم على الحذف، ومع ذلك لا يسمى اختصارا وإيجازا؛ لأنه متعارفهم، فإن عرفهم في طلب الإقبال:«يا زيد» وهو مشتمل على الحذف وفي التحذير «إياك والأسد» وامرأ ونفسه وحمدا وسقيا.
(وهو لا يحمد في باب البلاغة) من الأوساط كذا ظاهر عبارة «المفتاح»، ولا يحمد أيضا من البليغ معه، لأنه لا يقصد معهم بكلامه مزية سوى التجريد عن المزايا، وبذلك يرتقي عن أصوات الحيوانات.
(ولا يذم) أيضا لا منهم، ولا من البليغ معهم.
وأما المتكلم بمتعارفهم إذا عرى عن المزية فلا يحمد من البليغ معهم، ويذم منه مع البليغ، وإذا اشتمل على المزايا التي هم غافلون عنها كما في إياك والأسد فمعهم لا يحمد من البليغ ولا يذم، ومن البليغ يحمد؛ لأن البليغ قصد به مزايا يتعلق بالإيجازات التي فيها.
(فالإيجاز أداء المقصود بأقل من عبارة المتعارف) الأولى من المتعارف لأنّ المتعارف هو العبارة (والإطناب أداؤه بأكثر منها).
ثم قال في آخر الباب: الاختصار لكونه نسبيا يرجع فيه أي: المرجع في معرفته (تارة إلى ما سبق) أي: كونه أقل من عبارة المتعارف، وهذا التفسير أنسب من تفسير الشارح؛ حيث قال: أي إلى كون عبارة المتعارف أكثر منه، لأن المطابق لما سبق ما ذكرناه إلا أن الشارح راعى المناسبة بقوله (وأخرى إلى كون المقام أي: ظاهر المقام خليقا بأبسط مما ذكر) أي: مما ذكر في المقام فللاختصار معنيان كونه أقل من عبارة المتعارف، وكونه أقل مما يقتضيه ظاهر المقام هل الإيجاز كذلك؟ لم يعلم من كلام المفتاح صريحا، نعم يفهم من قوله في ذكر أمثلة الإيجاز، ومن أمثلة الاختصار أنه لا يفرق بينهما، بل المتبادر من قوله
(١) أي وإلا بالبناء على شيء عرفي وهو ما يعرفه أهل العرف في الجملة، لأن هذا أقرب شيء يرجع إليه فيه في مثل ذلك.